تنبيه: قال عبد الباقي وبيعه لمقترض أي جاز لمقترض طعام غير المعاوضة بيعه قبل قبضه، وأما طعام المعاوضة فليس لقرضه بيعه قبل قبضه وله ذلك بعده. انتهى. يعني أن من ابتاع طعاما فلم يقبضه حتى أسلفه لرجل فقبضه الرجل التسلف له فإنه لا يجوز للمسلف بالكسر أن يبيع ما له قبل المتسلف من عوض ما دفعه له حتى يقبضه السلف، أي لا يجوز له أن يبيعه للمتسلف ولا الغريم حتى يقبضه، فإن قبضه هو أو وكيله جاز بيعه للمتسلف وغيره، وقد مر إيضاح ذلك قريبا، فكلام عبد الباقي صحيح بلا شك؛ واعلم أنه يجوز للمقرض أن يبيع للمقترض ما عليه من القرض ولغيره قبل أن يقبضه وقد مر ذلك.
مسألة: قد مر أن قول المص: وبيعه لمقترض، شامل لبيع المقترض للمقرض ولغيره، فإذا باعه للمقرض بطعام فإن ذلك يمنع مطلقا، سواء باعه بطعام حال أو مؤجل، لأن القرض يستلزم الأجل في القرض فيدخله ربا النساء مطلقا. ابن عرفة: ظاهر ابن عبد السلام جواز بيعه ممن أقرضه مطلقا وليس كذلك، لأنه إذا دفع فيه القرض لمن أقرضه ثمنا فإنما هو ثمن على ما يقبضه بعد ذلك، وما خرج من اليد وعاد إليها كأنه لم يخرج، فعلى هذا لو استقرضه قفيز قمح لم يجز له بيعه بزيت ونحوه، لأنه طعام بطعام، ولا بدراهم إلا أن يكون القرض إلى مثل أجل السلم قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقال المواق: وبيعه لمقترض، هذا إن كان المبيع من غير المقرض، وأما إن باعه أي المقترض من المقرض، فقال ابن عرفة: الثمن الذي يعطى المقرض إنما هو ثمن على ما يقبض من المقترض فيُراعَى أجل السلم والطعام بالطعام. انتهى. قوله فيُراعَى أجل السلم، أي فإذا أخذ المقترض من القرض دينارا مثلا فما خرج من يد المقرض بالكسر وعاد إليه يعد لغوا، فكأن المقرض أسلم للمقترض دينارا يأخذ عنه بعد ذلك من المقترض طعاما، فيشترط في القرض حينئذ أن لا ينقص عن أجل المسلم.
وإقالة من الجميع، يعني أن الإقالة في الطعام قبل قبضه تجوز إذا كان التقايُل من جميع المبيع، ابن عرفة: الإقالة ترك المبيع لبائعه بثمنه وأكثر استعمالها قبل قبض المبيع وهي رخصة وعزيمة، الأولى فيما يمتنع بيعه قبل قبضه، وشرطها عدم تغير الثمن بما تختلف به الأغراض غالبا. فيها: لا تجوز بغير الثمن، ولا عليه وأخذ غيره عنه، ولا به مع زيادة عليه، ولا مع