وإن باعه، أي الشيء المعيب المشتري، قبل اطلاعه على العيب؛ وهلك عند المشتري منه بعيبه، أي التدليس، أي هلك بالعيب الذي دلس به البائع الأول، رجع المشتري الثاني على البائع الأول المدلس إن لم يمكن رجوعه على بائعه، أي الشيء المعيب الذي دلس فيه البائع الأول، وقوله: على بائعه، المراد به المشتري الأول، وقوله: إن لم يمكن لخ، بأن أعدم المشتري الأول أو غاب غيبة بعيدة ولا مال له. بجميع الثمن، متعلق برجع، وإيضاح كلامه: أن المشتري من المدلس إذا باع الشيء المعيب قبل الاطلاع على العيب، وهلك عند المشتري الثاني بسبب ذلك العيب، فإن المشتري الثاني يرجع على المدلس حيث لم يمكنه الرجوع على المشتري الأول بجميع الثمن الذي أخذه المدلس من المشتري الأول.

فإن كان الثمن الذي أخذه المدلس قدر الثمن الذي خرج من يد المشتري الثاني فالأمر واضح، وإن زاد الثمن الذي أخذه المدلس وهو الثمن الأول على الثمن الثاني أي الثمن الذي خرج من يد المشتري الثاني فللمشتري الثاني منه قدر ثمنه، وأما الزائد على قدر ثمنه فهو للبائع الثاني الذي هو المشتري الأول، وقوله: بجميع الثمن، هو نص المازري وابن شأس، واستبعده المص من جهة أنه ليس بوكيل للثاني على الزيادة، وقد يبرئه منها؛ قال: ومن حجة المدلس أن يقول للثالث: معاملتي لم تكن معك ولولا الثمن الذي خرج من يدك لم يكن لك مقال، فلا يكون لك غيره؛ وفي كتاب محمد عن مالك من رواية أصبغ: وقاله سحنون وغيره فإن كان الثمن الذي أخذه من المدلس مثل ما خرج من يده فلا كلام، وإن كان أكثر منه أخذ الثالث منه مقدار ثمنه، وأخذ الثاني بقيته. قاله الشارح. وقال المواق: التونسي: إذا كان الأول دلس بالإباق ثم باعه المشتري ولم يعلم فأبق عند الآخر فذهب، فقال ابن القاسم: يؤخذ الثمن كله من الأول فيدفع للآخر ثمنه، فإن فضل كان للمشتري الأول. انتهى. ومفهوم قوله: إن لم يمكن رجوعه على بائعه أنه إن أمكن رجوعه عليه لم يرجع على المدلس بشيء، وإنما يرجع بالأرش ابتداء فقط على بائعه ثم يرجع على المدلس بالأقل من الأرش وكمال الثمن الأول. قاله أحمد. وقال الطخيخي وتبعه بعض الشراح: يرجع على المدلس بجميع الثمن. وهذا الثاني هو قول ابن القاسم في سماع أصبغ، وهو الذي صرح به ابن عبد السلام، والأول نقله في البيان عن ابن المواز. قوله: بالأقل من الأرش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015