ينسب إلى العلم اليوم فيه إضاعة المال؛ لأنه قد يفصل من ذلك الكم ثوبا لغيره، وقد روى مالك في موطئه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من ذلك ففي النار، ولا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا (4)). فهذا نص صريح منه عليه السلام أنه لا يجوز للإنسان أن يزيد في ثوبه ما ليس له به حاجة؛ إذ إنما تحت الكعبين ليس للإنسان به حاجة فمنعه منه، وأباح ذلك للنساء فلها أن تجر مرطها خلفها شبرا أو ذراعا للحاجة الداعية إلى ذلك وهي الستر والإبلاغ؛ فما يفعلونه من صفة الاتساع والكبر في الثياب فليس بمشروع إذ ذاك ليس به حاجة فيمنع، ألا ترى إلى ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين لبس ثوبا فوجد كمه يزيد على أطراف أصابعه، فطلب شيئا يقطعه به فلم يجد، فأخذ حجرا وألقى كمه عليه وأخذ حجرا آخر فجعل يرضه به حتى قطع ما فضل عن أصابعه، ثم تركله كذلك حتى خرجت الخيوط منه وتدلت، فقيل له في خياطته فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل بثوب كذا ولم يخطه بعد حتى تقطع الثوب.
الثاني: قال ابن القاسم: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قطع كم رجل إلى قدر أصابع كفيه، ثم أعطاه فضل ذلك، وقال له: خذ هذا واجعله في حاجتك، قال ابن رشد رحمه الله: إنما فعل عمر رضي الله عنه هذا لأنه رأى أن الزيادة في طول الكمين على قدر الأصابع مما لا يحتاج إليه فرءاه من السرف.
الثالث: قد نقل الإمام الحافظ أبو طالب المكي رحمه الله تعالى في كتابه قال: ومما أحدثوه من البدع لبس الثياب الكثيرة الأثمان، قال: وقد كان السلف رضي الله عنهم ثوب أحدهم من سبعة دراهم إلى عشرة دراهم وكانوا لا يجاوزون هذا الثمن إلا نادرا. انتهى من المدخل وأشار إلى تتميم مسألة المصراة بقوله:
فيرده بصاع من غالب القوت؛ يعني أن المشتري لما وقعت فيه التصرية له أن يرده وله أن يتماسك به، وإذا رده فإنه يرد معه صاعا من غالب القوت، قال عبد الباقي: فيرده أي ما وقعت