وإن اشترى ما يغاب عليه كثوب أو غيره كعبد يختاره من ثوبين أو عبدين، وهو فيما يختاره باللزوم لأحدهما؛ أي اشترى واحدا منهما يختاره وهو فيه على اللزوم، ومضت أيام الاختيار أو ضاعا أو أحدهما، فإنه يلزمه أي المشتري النصف من كل منهما، كانا بيد البائع أو بيد المبتاع، قامت بينة على الضياع أم لا، وأما لو لم تمض أيام الاختيار وهعا باقيان لكان له أن يختار أحدهما، قال بناني: والظاهر أن أيام الاختيار كأمد الخيار السابق.
وفي الاختيار لا يلزمه شيء؛ يعني أنه إذا اشترى أحد ثوبين وقبضهما ليختار منهما واحدا ثم هو فيما يختار بالخيار فمضت المدة ولم يختر واحدا، فإن المشتري لا يلزمه شيء والبيع مردود؛ إذ لم يقع البيع على معين فيلزمه ولا على إيجاب أحدهما فيكون شريكا، ولا يعارض هذا قوله فيما مر: ويلزم بانقضائه؛ لأنه فيما إذا كان المبيع معينا، وما هنا واحد لا بعينه يختاره من متعدد، ومن باب أولى في عدم لزوم شيء له لو كان بيد البائع؛ ومحصَّلُ المص من مسألة الثوبين ثلاثة أقسام، في كل قسم ثلاث صور، بقاؤهما وادعى ضياعهما أو واحدٍ. القسم الأول: ما فيه خيار واختيار، وأشار له بقوله: وإن اشترى أحد ثوبين، إلى قوله: وله اختيار الباقي، وأشار إلى حكم بقائهما مع مضي أيام الخيار والاختيار بقوله: وفي الاختيار لا يلزمه شيء. القسم الثاني: ما فيه خيار فقط، وأشار له بقوله: وإن كان ليختارهما فكلاهما مبيع، إلى قوله: بيده. والقسم الثالث: ما فيه اختيار فقط، وأشار له بقوله: وفي اللزوم لأحدهما يلزمه النصف من كل؛ أي سواء ضاعا أو أحدهما أو بقيا حتى مضت أيام الاختيار، وصرح بالثلاثة في القسم الأول، وصرح في الثاني بمضي المدة وهما بيده، وذكر فيما مر حكم ضياعهما أو ضياع واحد بقوله: وحلف مشتر بخيار إلا أن يظهر كذبه أو يغاب عليه إلا ببينة، وقد علمت شمول الثالث للثلاث، فإن قوله: وفي اللزوم لأحدهما، شامل لما إذا ضاعا أو أحدهما بقيت المدة أو انقضت، ولا إذا بقيا وانقضت المدة. وبالله تعالى التوفيق.
ولما أنهى الكلام على خيار التروي، أتبعه بالكلام على خيار النقيصة. فقال: ورد بعدم مشروط فيه غرض، مبتدأ والمجرور قبله خبر؛ يعني أن من اشترى شيئا واشترط فيه شرطا لغرض سواء كان فيه مالية ككون الأمة طباخة، أو لم يكن فيه مالية كثيب لأجل يمين عليه أن لا يملك