الأصل في النهي عن ذلك الحديث، ومن جهة المعنى أنهم لا يعرفون الأسعار، فيوشك إذا تناولوا البيع لأنفسهم استرخص ما يبيعون لأن ما يبيعون أكثره لا رأس مال لهم فيه لأنهم لم يشتروه، وإنما صار لهم بالاستغلال فكان الرفق بمن يشتريه أولى، مع أن أهل الحواضر أكثر أهل الإسلام، وهي مواضع الأئمة فيلزم الاحتياط لها والرفق بمن يسكنها. انتهى.
فقوله: أكثره لا رأس مال لهم فيه، ظاهر في عدم اعتبار الشرط المذكور، بل هو صريح في الإطلاق. وقال الباجي أيضا بعدما تقدم: ينقسم الأمر إلى ثلاثة أقسام: البدوي لا يباع له سواء عرف السعر أو لم يعرفه، والقروي إن كان يعرف الأسعار فلا بأس أن يباع له وإن كان لا يعرفها لم يبع له. انتهى. وهو أيضا صريح في عدم اشتراط جهل البدوي بالسعر، ومثله في نقل المواق عن ابن رشد. والله سبحانه أعلم. وقال المواق: قال مالك: أهل العمود لا يباع لهم ولا يشار عليهم. ابن رشد: لم يختلف أهل العلم أن النهي عن أن يبيع حاضر لباد إنما هو لإرادة نفع الحاضرة ليصيبوا من أهل البادية.
قال مالك: ولم يرد بالنهي أهل القرى الذين يعرفون الأثمان والأسواق، ولا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا، وأما أهل القرى الذين يشبهون أهل البادية فلا يباع لهم ولا يشار عليهم، وإن كانوا أيام الربيع في القرى ومن بعد ذلك في الصحراء على الميلين من القرية وهم عالمون بالسعر فلا يباع لهم، فجعلهم ثلاثة أقسام: البدوي لا يباع له عرف السر أو لم يعرفه، والقروي إن عرف الأسعار فلا بأس أن يباع له، وإن لم يعرفها لم يبع له. انتهى باقتصار. والله سبحانه الموفق. ولو بإرساله له؛ يعني أنه يمنع بيع الحاضر سلع العمودي للحاضر، ولا فرق في ذلك بين أن يبعث بها العمودي إلى الحاضر ليبيعها للحاضر وبين أن لا يبعث بها إليه. قال المواق: قال الباجي عن ابن حبيب: لا يبعث البدوي إلى الحضري بمتاع ليبيعه له. ابن يونس: ورواه أبو محمد. أبو عمر: ورواه أبو قرة. انتهى. وقال أبو علي: أي ومن البياعات المنهي عنها بيع الحاضر للبادي، وليس ذلك خاصا بما إذا توجه العمودي بمتاعه إلى الحضري، بل ينزل منزلة