لأنها تتحرر بنفس الشراء، وهذه الأقسام تجري في الهبة والصدقة، فإن باعه على أنه صدقة لفلان أو على أن يتصدق بها عليه والتزم المشتري ذلك جاز العقد والنقد، وإن كان على الخيار جاز العقد دون النقد، واختلف إذا أبهم ولم يقيد بالتزام ولا خيار، فقال ابن القاسم فيمن باع من امرأته خادما بشرط أن تتصدق بها على ولده: ذلك جائز ولا يحكم عليها بالعتق والبائع بالخيار إن شاء أجاز البيع على ذلك وإن شاء رد، وعلى قول أشهب وسحنون يلزمها ذلك من غير خيار. قاله الحطاب. وهذا إذا كانت الصدقة والهبة منجزة أو مؤجلة بأجل قريب كالعتق على ما للمشدالي من أن العتق المؤجل بأجل قريب كالناجز ثم عطف على قوله: يناقض المقصود، قوله:
أو يخل بالثمن؛ هذا هو الوجه الثاني من الوجهين الذين حمل أهل المذهب الحديث عليهما، أعني حديث النهي عن بيع وشرط، ومعنى ذلك أنه إذا باع شيئا وشرط في بيعه شرطا يخل بثمنه بأن يعود بجهل في الثمن إما بزيادة إن كان الشرط من المشتري أو بنقص إن كان من البائع. ومثل لذلك بقوله: كبيع وسلفه، فإذا باعه سلعة بعشرة مثلا وشرط مشتري السلعة على البائع أن يسلفه فإن العشرة في مقابلة السلعة والانتفاع بالسلف، فبعض العشرة مقابل للانتفاع بالسلف وبعضها مقابل للسلعة وهو مجهول، وثمن السلعة في هذا أكثر لا صاحبها من السلف الكائن من جهة البائع، وإذا باعه سلعة بتسعة مثلا وشرط بائعها على المشتري أن يسلفه فانتفاع البائع بسلف المشترِي له يقابله بعض الثمن الذي هو السلعة، وبعضها الآخر المقابل للثمن مجهول، والثمن في هذا أقل لمصاحبة السلف من المشتري. والله سبحانه أعلم. مع أن الانتفاع في المسألتين مجهول. واعلم أن كلا من العوضين يصح أن يكون ثمنا ومثمنا، وقوله: كبيع وسلف أي كاشتراط السلف مع البيع. قال بناني: الصور ثلاث، بيع وسلف بشرط ولو بجريان العرف وهي التي تكلم عليها المص هنا، وبيع وسلف بلا شرط لا صراحة ولا حكما وهي التي أجازوها هنا أيضا، وتهمة بيع وسلف وذلك حيث يتكرر المبيع وهي التي تكلم عليها المص في بيوع الآجال، فما أجازوه هنا غير ما منعوه هناك؛ لأن ما هناك فيه التهمة بالدخول على شرط بيع وسلف، وسيأتي إن شاء الله ما يدل على أن المذهب فيه هو المنع. والله أعلم. انتهى. وقوله: كبيع وسلف: قال الرهوني: جعل المص تبعا لابن شأس وغيره هذا مندرجا تحت النهي عن بيع