وتحرجت. وباء بالجهل سببية متعلقة بتمخيا. قال المتيطي: وإن كان الدين مجهولا قدره لا يعرفه الأب أو الموصي وإنما استهلك له مالا لم يقف عليه فتمضى منه بأن صير له في ذلك دارا أو ملكا جاز التصيير وصح القبض على ما ذكرناه ما لم يسكن المصيِّر فيه، ويسقط من نص الوثيقة معرفة السداد لأنه لا يعلم قدر المصير فيه الدار وهو صريح في أن الدين محقق، إلا أنه مجهول المقدار فيكون ذلك في معرض الاستثناء مما تقدم من اشتراط معرفة قدر الدين المصيَّر فيه، فإذا تعذرت معرفته كهذا جاز التصيير فيه لبراءة الذمة، وذلك والله أعلم إذا لم يتحقق الدين، وإنما خاف أن يكون في ذمته من مال المحجور شيء وجهله لكونه كان يتصرف فيه بالقبض والدفع فيصيِّر له في ذلك شيئا لبراءة الذمة إلا أن هذا مستحب، والأول واجب. والله أعلم. قاله الشيخ ميارة.
الخامس: قال الرهوني: ما تقدم من أن المشهور أنه يثبت الحوز في التصيير بالاعتراف محله في غير دار السكنى إلى آخر كلامه.
ومواضعة، هذا من أمثلة المعين الذي يتأخر قبله؛ يعني أنه لو أعطاه عن دينه أمة تتواضع فإن ذلك لا يصح لأنه فسخ دينه في شيء لا يتعجل قبضه. قال عبد الباقي مفسرا للمص: وأمة مواضعة، في حال مواضعتها فسخها في دينه مشتريها وكذا بائعها لكونها في ضمانه ولمنعه كالمشتري من التصرف فيها حين المواضعة، وإذا منع الفسخ في هذه فيمنع فيمن تتواضع قبل دخولها في المواضعة بالأوْلى. انتهى.
ومنافع عين هذا أيضا من أمثلة المعين الذي يتأخر قبضه؛ يعني أنه لو أعطاه عن دينه منافع عين أي ذات معينة كسكنى دار ومنفعة عبد أو دابة شهرا مثلا فإن ذلك لا يجوز، لما فيه من فسخ ما الذمة في مؤخر، ومقابلُ لو في المعين الذي يتأخر قبضه كالمسائل الثلاث من قوله: كغائب ومواضعة ومنافع عين، أشْهَبُ القائل بالجواز في ذلك ورواه عن مالك. وقوله: ومنافع عين، قال بناني عن ابن رشد: هذا إنما يمنعه ابن القاسم في الاختيار ويجوز عنده في الضرورة مثل أن يكون في صحراء ولا يجد كراء ويخشى على نفسه الهلاك، فيجوز أن يأخذ منافع عين