ابتداء، وأما من وجب له على رجل وزن من طعام لا يجوز فيه التفاضل فلا يجوز له أن يأخذه منه تحريا إلا عند الضرورة بعدم الميزان، على ما قاله في نوازل سحنون من جامع البيوع. انتهى. ولما أنهى الكلام على البيع الصحيح وما يعرض له أخذ يتكلم على البيع الفاسد وجعل هذا الكلام مقدمة له أعني قوله: وفسد منهي عنه؛ يعني أن المنهي عنه من عبادة أو معاملة يفسد أي يحكم الشرع بفساده أي عدم نفوذه، فصحة البيع مثلا ترتب آثاره، كالملك وفساده عدم ترتب آثاره، فبان من هذا أن صحة البيع مثلا هي ترتب آثاره من التمكن من بيعه وهبته أي المبيع وأكله وغير ذلك. قال عبد الباقي مفسرا للمص: وفسد منهي عنه لذاته كخمر وميتة أو لوصفه كبيع غاصب لمغصوب لأن المنهي يقتضي الفساد شرعا، وقال الحطاب: واختلف الأصوليون هل المنهي يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ والمذهب أنه يدل على فساد المنهي عنه. قال ابن عبد السلام: وهذا هو المشهور في مذهبنا. وقال ابن مسلمة في الفاسد المختلف فيه: إنه يمضي. انتهى. والدليل على هذه القاعدة أي فساد المنهي عنه الحديث الصحيح (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد (?)) أي مردود عليه.

إلا بدليل؛ يعني أن محل فساد المنهي عنه إنما هو حيث لم يدل دليل على صحته، وأما إن دل دليل على صحته فإنه يكون صحيحا ويكون مخصصا لهذه القاعدة كالنجش والمصراة، وكلام المص هنا في المعاملات كما هو سياقه، قال الشارح في الكبير: وأحرى في العبادات. وقد مر قول المص: وعدم نهي، وأتى بهذا ليرتب عليه قوله: إلا بدليل، والله سبحانه أعلم. وقوله: إلا لدليل، يشمل المتصل والمنفصل، والمتصل هو الذي لا يستقل بل لابد أن يسنده إلى كلام قبله كالاستثناء والبدل، والمنفصل هو الذي يستقل. قاله الرهوني. وقال الخرشي: وفسد منهي عنه لذاته أو لوصفه أو لأمر خارج عنه كالنهي عن صوم يوم العيد لأن فيه إعواضا عن ضيافة الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015