وفي كلام الحطاب نظر، لكن قول المواق عن اللخمي: فإن قرب ما بين الرؤيتين بحيث لا يتغير في مثله فالقول قول البائع مع يمينه فيه نظر؛ وهو سبق قلم أو وهم منه رحمه الله، فإن الذي في التوضيح والحطاب عن اللخمي هو سقوط اليمين عن البائع في هذه الحالة. انظر الرهوني.
وغائب ولو بلا وصف على خياره بالرؤية يعني أنه يجوز بيع الغائب ولو لم يوصف بشرط أن يكون للمشتري الخيار برؤيته. عبد الوهاب: لا يجوز بيع بغير صفة ولا رؤية؛ وأجاز ذلك في المدونة إذا اشترط خيار الرؤية؛ وكان أصحابنا يقولون: إنه خارج عن الأصول؛ ابن يونس: لا وجه لمنعهم جوازه لأنه لا غرر فيه. انظر المواق. وقال عبد الباقي: وجاز بيع غائب ولو بلا وصف لنوعه أو جنسه كما يأتي في التولية، وقيد جواز بيع غير الموصوف بما إذا بيع على شرط خياره أي اختيار المشتري لا الخيار المبوب له، فلا يشترط بالرؤية للمبيع ليخف غرره لا على اللزوم أو السكت فيفسد في غير التولية، فإن السكوت فيها لا يضر لأنها معروف، فهذا قيد في المبالغ عليه فقط، لا لما قبله إذ ما بيع بوصف لا يشترط فيه هذا الشرط ولا يعلم من كلامه هل للمبتاع الخيار قبل الرؤية أم لا، بل ربما يتوهم منه الثاني مع أن الخيار له قبلها أيضا كما في النقل، فالبيع منحل من جهة المشتري قبل الرؤية وبعدها، ولازم من جهة البائع عند ابن محرز، خلافا لقول عبد الحق: منحل من جهته أيضا. انتهى. وقال بناني: اعلم أن بيع الغائب فيه ست صور؛ لأنه إما أن يباع على صفة أو على رؤية متقدمة أو بدونهما، وفي كل منها إما أن يباع على البت أو على الخيار، كلها جائزة إلا السادس، وهو البت فيما بيع دون صفة ولا رؤية. فقوله: وغائب أي على صفة أو على رؤية متقدمة بتا أو خيارا. وقوله: على خياره بالرؤية، قيد فيما بعد لو فقط. وما ذكره هو المشهور ومذهب المدونة كما عزاه لها غير واحد، وأشار بلو لرد القول: بأن الغائب لا يباع إلا على صفة أو رؤية متقدمة. قال الحطاب: قال في المقدمات: وهو الصحيح. وفي كتاب الغرر من المدونة دليل هذا القول؛ وقال في التوضيح: إنه في المدونة ونسبه لبعض كبراء أصحاب مالك. وقال ابن عرفة: إنه المعروف من المدونة ونص غررها.