تنبيهات: الأول: قد مر قول عبد الباقي: ثم محل فساده فيما ذكر المص مع جهل أحدهما إذا علم العالم بجهل الجاهل وإلا لم يفسد قال بناني: هذا التفصيل هو الذي اختاره ابن رشد في البيالت وجزم به، ونحوه في المعيار آخر المعاوضات، لكنه خلاف ظاهر المدونة من الإطلاق وهو مختار اللخمي. قال الحطاب: ولعل المص اعتمد على ظاهر المدونة، فيحمل كلامه على إطلاقه ويؤيد ذلك مسألة العبدين الآتية. انتهى. وقال أبو الحسن في قول المدونة: وإن جهل أحدهما أو كلاهما لم يجز ما نصه: انظر قوله: وإن جهله أحدهما، ظاهره سواء علم العالم بجهل صاحبه أم لا أن ذلك يفسخ ثم ذكر ما لابن رشد. ثم قال: وفيما قاله ابن رشد نظر؛ لأنهما دخلا على غرر فكيف يصح هذا العقد. تأمله. وقال الشيخ أبو علي: ظاهر المص أنهما مهمى جهلا أو أحدهما علم العالم بجهل صاحبه أم لا أن البيع فاسد، وهو الذي شهره عياض. وقال ابن محرز: هو أظهر القولين. قال أبو علي. وهو الصحيح في النازلة، وكلام ابن رشد خلاف المذهب. انتهى. وقال المسناوي: حمل المص على الإطلاق هو الصواب.
وقول الزرقاني: وإذا ادعى الجاهل على العالم لخ، اعلم أن المسائل ثلاث: تارة يثبت علم العالم منهما بجهل الآخر، وتارة يثبت جهل الجاهل دون علم الآخر به، وتارة لا يثبت واحد منهما، ففي الأولى يفسد، وفي الثانية له الخيار عند ابن رشد ويفسد عند غيره، وفي الثالثة يلزم البيع؛ فإن ادعى الجاهل في هذه علم صاحبه بجهله حلف له، وإن نكلى حلف مدعي الجهل أنه كان جاهلا حين العقد وثبت له الخيار. والله أعلم. وظاهر كلام ابن رشد أن اليمين تتوجه إذا ادعى عليه أنه يعلم بجهله ولو كان في الوثيقة أنه عرف الثمن والمثمن، وهذا إنما يظهر فيمن عادة الموثقين منهم التساهل في أمر الوثائق وإلا فلا.
الثاني: قد مر قول عبد الباقي: إن محل قوله: وجهل بمثمون، عند تيسر العلم وإلا جاز كشراء حاضر في بادية بمكيالها لخ. قال الرهوني: هذا هو المشهور ومقابله لأشهب، وهل الخلاف في الفسخ فقط مع اتفاقهما على عدم جواز ذلك ابتداء وهو الذي يقتضيه أول كلام التوضيح؟ أو الخلاف في الجواز ابتداء وهو الذي يقتضيه كلامه آخرا. انتهى المراد منه.