لكونهما مختلفا في بيعهما فيعلم أن المشهور فيهما المنع، ولينبه على أن الممنوع إنما هو بيع النجس الذاتي أو الذي كالذاتي كما تقدم. واعلم أن المذهب أن الأعيان النجسة لا يصح بيعها، إلا أن في بعضها خلافا، وبيع النجاسة على وجهين، محرم ومختلف فيه، فبيع كل نجاسة لا تدعو الضرورة إلى استعمالها ولا تعم بها البلوى حرام، كالخمر والميتة لحمها وشحمها، ولحم الخنزير، والأصل في ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم تسليما: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها؟ فقال: لا، هو حرام. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومهما أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه (?)). ومعنى أجملوه أذابوه، وقوله: حرم، قال القرطبي: صحة الرواية بإسناد حرم إلى الضمير الواحد، تأدبا منه عليه الصلاة والسلام أن يجمع بينه وبين اسم الله في ضمير الاثنين، كما رد على الخطيب قوله: ومن يعصهما فقال له: (بيس خطيب القوم، قل: ومن يعص الله (?)). انتهى. وقال بناني: حصَّل الحطاب في بيع العذرة أربعة أقوال: المنع لمالك على فهم الأكثر من المدونة، والكراهة على ظاهر المدونة وفهم أبي الحسن لها، والجواز لابن الماجشون، والفرق بين الاضطرار لها فيجوز وعدمه فيمنع لأشهب في كتاب محمد، وأما الزبل فذكر ابن عرفة فيه ثلاثة أقوال: قياسُه ابنُ القاسم على العذرة في المنع عند مالك، وقول ابن القاسم بجوازه، وقال أشهب في المدونة: المشتري أعذر من البائع، وتزاد الكراهة على ظاهر المدونة في العذرة، وفهم أبي الحسن. وفي التحفة:
ونجس صفقته محظوره ... ورخصوا في الزبل للضروره
وهو يفيد أن العمل على بيع الزبل دون العذرة، وصرح به ابن لب كما نقله عنه في المعيار، وهو الذي به العمل عندنا للضرورة. انتهى. قال ابن الحاجب: الزيت المتنجس يمنع في الأكثر بناء