ورواه مطرف أيضا عن مالك، كما لابن عرفة عن الشيخ أبي محمد بن أبي زيد، ورواه ابن عبد الحكم وأصبغ، كما نقله غير واحد، وقوله: وقال سحنون، يقتضي انفراد سحنون بذلك وليس كذلك، بل قاله ورواه عن الإمام كما نقله غير واحد، وقوله: ومقتضى التوضيح أن كلامه مقابل، وأن قول ابن القاسم هو المعتمد، يشهد لاعتماده العزو الذي ذكرناه، لكن قول سحنون قوي أيضا، لأنه رواه عن مالك أيضا وأفتى به ابن رشد في نوازله، وأفتى به أيضا أبو الحسن والشيخ أبو القاسم الغبريني. واعلم أن الصور أربع؛ لأنه إما أن يتولى المضغوط قبض الثمن أو لا، وفي كل إما أن يعلم المشتري بضغطه أم لا، فإن لم يقبضه فلا يرد الثمن علم المشتري بضغطه أم لا، وإن قبضه فإن علم بضغطه فلا يرد الثمن وإلا رده.
تنبيهات: الأول: قال الشيخ أبو علي: من أكره على دفع المال لا يلزمه بيعه على المشهور، ومن أكره على البيع لا يلزمه بيعه إجماعا كما في ابن عرفة والتوضيح. قال ابن عرفة في الإكراه على البيع ما نصه: وبيع المكره عليه ظلما لا يلزمه. الشيخ عن أبي الحسن والأبهري: إجماعا، قال ابن سحنون عنه: وللبائع إلزام المشتري طوعا وأخذ مبيعه ولو تعددت أشْرِيَتُه كمستحق ذلك، ولا يفيته عتق ولا إيلاد، ويحد المشتري بوطئها، ولو أكره العاقد، إن لم يلزم أحدهما ما ألزمه الآخر بعد زوال الإكراه. انتهى المقصود منه. الشيخ عن سحنون: من أكره على إعطاء مال ظلما فبيعه لذلك بيع مكره، زاد ابن رشد عنه في أجوبته: ولرب المبيع أخذه دون ثمن إن كان المشتري عالما بضغطه ظلما، وإلا فالثمن. انتهى. وقد مر أن ابن القاسم ومطرفا وغيرهما لا يفصل هذا التفصيل، ويتبع المشتري بثمنه الظالم إن دفعه له، ولو قبضه وكيل الظالم اتبع أيهما شاء، قال مطرف: إن قال الوكيل: ما فعلته إلا خوفا من الظالم، لم يعذر لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وكذا كل ما أمر بفعله ظلما من قتل أو قطع أو جلد أو أخذ مال وهو يخاف إن لم يفعله نزل به مثل ذلك فلا يفعله، فإن فعله لزمه القصاص والغرم. وقال ابن عبد الحكم وأصبغ ومطرف: جهل وصول ثمن مبيع المضغوط للظالم باحتمال صرفه المضغوط