لتوسيع المسجد، والطعام إذا احتيج له، وهذه من المسائل العشر التي يجبر الشخص فيها على بيع ماله، ومنها الكافر يجبر على بيع عبده المسلم أو الصغير، وعلى بيع مصحف في ملكه، كما يأتي للمص، ومالك الماء لمن به عطش أو لزرعه، وصاحب الفدان في رأس جبل يحتاج الناس إليه في الحراسة من العدو، وصاحب الفرس أو الجارية يطلبها السلطان، وإن لم تدفع أضر بالناس، فيجبر على الدفع، ورب علج على بيعه لفداء مسلم إذا قال من هو في يده: لا أفديه إلا به، بل وإن لم يقل فيما يظهر، حيث علم أنه لا يطلقه إلا بالعلج المذكور، وله الأكثر من قيمته وثمنه إن اشتراه، وقيمته إن لم يشتره في هذا أي مسألة العلج، ويكون ذلك في بيت المال، كما يفيده من حيث المعنى قول المص: وبدئ بالفيء، وأما مسألة الفدان والأمة أو الفرس يطلبها السلطان فالذي يظهر فيها لزوم القيمة. انتهى كلام عبد الباقي بإصلاح فيه من كلام الرهوني. وقوله: لتوسيع المسجد، في أحمد تقييده بمسجد الجمعة. قال بناني: الواقع في كلام ابن رشد كما في المواق هو التقييد بمسجد الجمعة وهو الظاهر انتهى.
تنبيهات: الأول: قول عبد الباقي: ومن الإكراه الحق الجبر على بيع الأرض للطريق، ظاهره كانت الطريق عامة أو خاصة وليس كذلك، بل الجبر خاص بالطريق العامة، قال في النوادر عن مالك في الطريق إذا كانت لأقوام وسدت فلا يجبر من حولها على بيع أرضهم لتوسيعها، وكذلك إذا كانوا يذهبون فيها للمساجد إلا مسجد الجمعة، وكمل يجوز للغير المرور في الأرض التي احتيج إلى بيعها لتوسيع الطريق قبل نظر الإمام أو لا يجوز لهم ذلك إلا بإذن مالكها؟ فلا يحدثوا فيها طريقا من دون إذنه، بل يحتالوا لأنفسهم حتى ينظر لهم إمامهم. قاله الرهوني. وجلب في ذلك نقولا كثيرة، ثم قال بعدها: والظاهر أن يقيد ذلك بالسعة، وأما مع الضيق والضرورة كما إذا كان العدول عنها يؤدي إلى الخوف على نفسه، ولم يمكنه طلب المتحلل من مالكها، فإنه لا يحوم عليه إذ ذاك المرور؛ لأنه إذا كان يجب على الإنسان مواساة غيره بفضل ماله مع ذهاب ذلك بالكلية، فبالمرور في أرضه مع بقاء ملكه عليها وانتفاعه به أولى، والله أعلم انتهى.