السلعة فقد تقدم عن مالك من رواية ابن القاسم أنه يخبر رب السلعة بالزيادة وبمن زاد. قال ابن رشد: إنما استخف للرجل أن يزيد، وأجاز للوكيل أن يخبر رب السلعة بالزيادة، ولم ير ذلك من السوم على سوم أخيه؛ لأن النهي عن ذلك إنما هو مع الركون، وصاحب السلعة هنا غائب لا يعلم إن كان يميل إلى البيع بذلك الثمن أم لا. قاله الحطاب.
وقال بعد هذا الكلام، وبعد نقول كثيرة، وبعد ما ذكرته عنه في بيع المزايدة عند قوله: وبابتعت لخ: هذا حكم بيع المزايدة، وأما بيع الرابحة وهو أن يذكر له ثمن السلعة وما ضربه عليه، ويقول المشتري: أربحك في كل عشر كذا وكذا، فإذا رضي رب السلعة بذلك فقد لزم المشتري شراؤها إذا كان ذلك في فور، بحيث يكون كلام أحدهما جوابا للآخر ولم يحصل منهما إعراض عما كانا فيه، وأما بيع الاستيمان والاسترسال وهو أن تقول: بعني كما تبيع الناس، فإذا أعطاه البائع مثل ما يبيع الناس فقد لزمه البيع وليس له رجوع. هذا ما ظهر لي في بيع المرابحة وبيع الاستيمان. والله أعلم. انتهى. وبيع المساومة قد مر الكلام عليه، وفي شرح عبد الباقي: ما معناه أن بيع المساومة إن أجاب أحدهما الآخر بما يقتضي الإمضاء والقبول في المجلس من غير فاصل لزم البيع اتفاقا، وإن تراخى القبول عن الإيجاب حتى انقضى المجلس لم يلزم البيع قطعا، وكذا لو حصل فاصل يقتضي الإعراض عما كانا فيه حتى لا يكون كلامه جوابا للكلام السابق في العرف فلا ينعقد البيع، وكذا يلزم في بيع المرابحة والمزايدة والاستيمان أي كبعني كما تبيع الناس مع الفور في الثلاثة كالأول، فإن أعرض البادي لم يلزم في الأربعة؛ يعني في غير ما يلزمه كصيغة الماضي، فإن انقضى المجلس لم يلزم فيها بيع إلا في بيع المزايدة، فللبائع أن يلزم السلعة لمن زاد حيث اشترط البائع ذلك أو جرى به عرف ولو بعد إمساكها حتى انقضى مجلس النداء أو ردها وباع بعدها أخرى، فإن لم يشترط ذلك ولا جرى به عرف لم يكن له ذلك. قال المازري: إنما نبهت على ذلك لأن بعض القضاة ألزم بعض أهل الأسواق في بيع المزايدة بعد الافتراق مع أن عادتهم الافتراق على غير إيجاب اغترارا بظاهر ابن حبيب، فنهيته عن هذا لأجل مقتضى عوائدهم. ابن عرفة: والعادة عندنا أي بتونس وكذا عندنا بمصر عدم اللزوم، وهو واضح إن بعد ولم تكن السلعة بيد المبتاع، فإن كانت بيده فالأقرب اللزوم، كبيع الخيار بعد زمنه فيلزم فيه