وإسقاط حق أمها بعدها لم يسقط حق أمها قطعا، فإن أسقطت حقها حال مخالعة بنتها ففي سقوطه وعدمه قولان مبنيان على لزوم إسقاط الشيء قبل وجوبه وعدمه، فإن أسقطتها بعد طلاق بنتها بالفعل لزمها الإسقاط لأنه بعد وجوبها بالفعل، فالأقسام ثلاثة. فتأمل. انتهى.

قوله: لم يسقط حق أمها قطعا، لما نقل المشدالي الخلاف فيما إذا أسقطت الجدة حقها عند مخالعة بنتها، قال: هذا إنما هو إذا حضرت الجدة أو الخالة وأشهدت على نفسها بإسقاط ما يرجع إليها من الحضانة، وأما إن لم تشهد على نفسها بذلك ففيه خلاف أيضا، قال المتيطي: الذي عليه العمل. وقاله غير واحد من الموثقين أن الأم إذا أسقطت حقها في الحضانة بشرط في عقد المبارأة كما ذكرنا أن ذلك يرجع إلى الجدة أو الخالة. وقاله أبو عمران. قال: القياس أن لا يسقط حق الجدة بترك الأم، وقال غيره من القرويين: يسقط بذلك حق الجدة والخالة ولا كلام لهما في ذلك. انتهى. انظر الحطاب وحاشية الشيخ بناني. وقال ابن عرفة: وفي إمضاء نقل ذي حضانة إياها لغيره على من هو أحق بها من المنقول إليه نقل ابن رشد مع أخذه من قولها: إن صالحت زوجها عن كون الولد عنده جاز وكان أحق به ظاهره ولو كان له جدة، ونقله قائلا كالشفعاء ليس لمن هو أحق بالشفعة تسليمها لشريك غيره أحق بها منه. اللخمي: إن تزوجت الأم وأخذته الجدة ثم أحبت أن تسلمه لأخته فلأبيه منعها لأنه أقعد منها، وإن أمسكته ثم طلقت الأم لم يكن له منعها من رده لأمه لأنه نقل لما هو أفضل. قلت: إنما يتم هذا على أن تزويج الأم لا يسقط حضانتها دائما بل ما دامت زوجة. انتهى كلام ابن عرفة. نقله الإمام الحطاب. وقال بعد جلب أنقال ما نصه: فعلم من هذا أن الراجح الذي عليه الفتوى في إسقاط الحضانة قبل وجوبها عدم اللزوم، وأن صورة ذلك أن يسقط من له الحضانة بعد الأم حضانته قبل وجوبها كالجدة والخالة مثلا، وأنه ليس من ذلك إسقاط الأم حقها من الحضانة في حال العصمة وإلا لكان حكمها حكم الجدة والخالة ولم يفرق بينهما، وأيضا فلا يمكن أن يقال إن الأم لا حضانة لها في حال العصمة لأنها إذا وجبت لها الحضانة بعد الطلاق فأحرى في حال العصمة، وقد صرح بذلك ابن عرفة، فقال لما تكلم على الحضانة ومستحقُّها وأبَوا الولد زوجان هما وفي افتراقهما أصناف، الأولى: الأم إلى آخره، ولا أعلم أحدا أجاز للأب أخذ ولده من أمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015