فإذا حكم بها حاكم وغاب المحكوم عليه مدة وهو موسر ثم قدم، فإن للقريب المحكوم له مطالبته بنفقة المدة التي غاب فيها وهو موسر، وياء قضية المشددة هي لام فعيلة وياؤها أدغمت المدة في اللام، وليست بياء النسب خلافا لما وقع في شرح الشيخ عبد الباقي مما هو سبق قلم. والله سبحانه أعلم.
أو ينفق غير متبرع عطف على المستثنى، فهو مستثنى أيضا؛ يعني أن نفقة القرابة إذا أداها من لا تلزمه النفقة من أجنبي غير متبرع فإنه يرجع بها بشرط أن يكون المنفق عليه صغيرا، فيرجع على أبيه لأن وجوده موسرا كالمال، وأما إن أنفق غير المتبرع على أب أو أم فلا يرجع على ولدهما إلا إذا كانت نفقتهما مفروضة عليه بقاض، فالاستثناء الأول في كلامه عام، والثاني خاص، وقوله غير بالرفع فاعل ينفق وهو بالنصب عطف على قضية، والناصب له أن مضمرة، قال في الألفية:
وإن على اسم خالص فعل عطف ... نصبه أن ثابتا أو منحذف
وهذا الذي قررت به المص من التفصيل هو المتعين، وعبارة المص كعبارة ابن الحاجب، واعترضه ابن عرفة بأنه يقتضي أن نفقة غير المتبرع كحكم القاضي، وليس كذلك، بل إنما يرجع بها غير المتبرع إذا أنفق بعد الحكم بها، فلو آخر قوله: إلا لقضية لوفى بالقيد في غير المتبرع أيضا، وقريب من هذا لابن عبد السلام. قال الحطاب: وهذا الذي ذكره ابن عرفة بالنسبة إلى نفقة الوالدين ظاهر، وأما نفقة الولد فليس ذلك بظاهر. انظر الحطاب. فتبعه الزرقاني وشرح بهذا التفصيل وهو ظاهر. قاله بناني.
تنبيه: قال عبد الباقي: قال أحمد: إذا كانت النفقة لقضية، فهل تكون كنفقة الزوجة في قبول قوله في دفعها على التفصيل المتقدم أم لا؟ لأن نفقة الزوجة تشبه الدين لما كانت في مقابلة الاستمتاع، بخلاف نفقة الولد لأنها مواساة، وبه قال بعض شيوخنا. انتهى. وقوله: تشبه الدين أي في الجملة لا من كل وجه، لقبول قوله في دفعها حيث كان حاضرا والدين ليس كذلك، وقوله: لأنها مواساة؛ أي فيقبل قوله مطلقا في دفعها. انتهى. قال بناني انظر هذا وقد تقدم له قريبا أن محل كون القول قوله في دفعها ما لم تكن مقدرة، وإلا لم يقبل قوله أصلا. فتأمله.