حيث لم تنقض العدة المبتدأة من الإقرار حيث كان الطلاق رجعيا. والله سبحانه أعلم. وسيأتي الكلام على المسألتين هناك بأتم مما هنا وما يأتي هو مفهوم قوله فيه ونصه في العدة: "وإن أقر - أي صحيح بطلاق متقدم استأنفت العدة من إقراره ولم يرثها إن انقضت على دعواه وورثته فيها إلا أن تشهد بينة له". انتهى.
ولو شهد بعد موته بطلاقه فكالطلاق في المرض يعني أن الزوج إذا شهدت عليه بينة بعد موته أنه كان طلق زوجته طلاقا بائنا أو رجعيا وانقضت العدة على حسب تأريخهم واستمر لموته يعاشرها معاشرة الأزواج، وكان تأخيرهم الشهادة لعذر كغيبتهم فإنه يكون كمن طلق في المرض فترثه زوجته أبدا، هذا هو وجه التشبيه، وتعتد عدة وفاة حيث كان الطلاق رجعيا وعدة طلاق حيث كان الطلاق بائنا، وهذا هو الذي أفادته شهادة الشهود؛ إذ لولا شهادتهم لاعتدت عدة وفاة، وتقدم أنهم أخروا الشهادة لعذر كغيبتهم، فلو كانوا حاضرين لبطلت شهادتهم بسكوتهم ولا يعذرون بالجهل فتعتد عدة وفاة، وإذا كانت العدة عدة وفاة تكون من يوم الوفاة، وإذا كانت العدة عدة طلاق لكون الطلاق بائنا فمن يوم الحكم فإنها تعتد عدة طلاق.
وقوله: "فكالطلاق في المرض" أي في أنها ترثه أبدا فإن قيل كيف ترثه مع انقضاء العدة على ما قالت البينة؟ فالجواب أنها إنما ورثته لاحتمال كونه يبدي مطعنا في شهادتهم لو كان حيا. قاله غير واحد. وقد مر أنه استمر لموته يعاشرها معاشرة الأزواج، فلو انفصلت عنه قبل موته وعلم ذلك لم ترثه، ولو شهدت بينة بعد موتها بطلاقها بائنا أو رجعيا وانقضت العدة لم يرثها، والفرق بين هذه ومسألة المص أن المشهود عليه وهو الزوج مات ففات الإعذار في مسألة المص، وفي هذه لم يفت فقد أعذر إليه فلا يرثها حيث لم يبد مطعنا، وما تقدم من أنها ترثه هو قول مالك وابن القاسم، وقال سحنون: لا ترثه كما لا يرثها. انتهى. وقد مر أنها تعتد عدة طلاق حيث كان الطلاق بائنا، وقال الشيخ علي الأجهوري: ظاهر كلام ابن القاسم أنها تعتد عدة وفاة ولو كان الطلاق بائنا لاحتمال طعنه في شهادتهم لو كان حيا.
تنبيه: إذا مات الزوج في غيبته ولم يبلغ زوجته خبر موته إلا بعد انقضاء العدة من يوم الموت حلت ولا إحداد عليها، وكذا الطلاق أي في أنها تحل، قال القائل: