المص هنا على ثلاثة أقسام: الأول قوله: "وردت دراهم ردية" والمراد فيها الزوج يرد المقبوض ليبدل، الثَّانِي قوله: "وقيمة كعبد استحق" والمراد فيها الزوجة، والرد فيها بمعنى التأدية، الثالث قوله: "والحرام" والمراد فيه الشرع ومعنى الرد فيه فسخ العقد، وقد مر بيان ذلك والله سبحانه أعلم.
كتأخيرها دينا عليه يعني أن المرأة إذا اختلعت من زوجها على أن تؤخره بدينها الحال عليه بأن تنظره شهرا مثلا فإن ذلك التأخير يرد أي يبطل ويقع الطلاق بائنا، دلها أن تأخذ منه المال حالا وإنما بطل تأخيرها له لأن المؤخر لما في الذمة يعد مسلفا، كمن عجل ما أجل فهو سلف بمعنفعة رالنفع هنا ملكها لعصمتها، وكذا يبطل سلفها له ابتداء على أن يطلقها فالتشبيه في قول المص: "كتأخيرها دينا عليه" بقوله: "والحرام" فهو تشبيه في الرد والبينونة، وفصله بكاف التشبيه ولم يعطفه بالواو؛ لأن الحرمة في الشبه ليست باتفاق وفي الشبه به هي باتفاق؛ وأما طلاقه هو مع تأخيرها دينا له عليها فرجعي لأنه كمن طلق وأعطى ويجوز إن لم يكن له نفع في التأخير وإلا منع وبانت. قاله عبد الباقي.
وقال: إن التشبيه في قوله "بخلاف الوصي" وقال بناني: فيه نظر لأن خلع الوصي كما لا يجوز لا يمضي بخلاف الخلع على هذه الأمور فإنه نافذ بعد الوقوع والطلاق فيه بائن مع رد ما وقع به الخلع، فالحق أنه مشبه بقوله: "والحرام". انتهى.
وخروجها من مسكنها عطف على قوله: "كتأخيرها" يعني أنه لا يجوز للزوج والزوجة أن يتخالعا على أن تخرج من مسكنها الذي هي ساكنة فيه وقت الخلع وتعتد في غيره لأن ذلك حق لله تعالى لا يجوز لأحد إسقاطه، قال جل من قائل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، ولذا لو خالعها على أن تدفع له أجرة المسكن جاز لأنه حق آدمي، فإن وقع ذلك بأن تخالعا على خروجها من المسكن وأنها تعتد في سواه فإنه يقع الطلاق بائنا ويردها الإمام إلى مسكنها الذي طلقت فيه وتعتد فيه دون شيء تدفعه للزوج.
وتعجيله لها ما لا يجب قبوله يعني أن المرأة إذا كان لها على زوجها دين لم يحل أجله، فاختلعت منه على أن يعجل لها ذلك الدين الذي لها عليه فإن ذلك لا يجوز إن كان الدين الذي لها عليه لا يجب عليها قبوله قبل أجله، والدين الذي لا يجب على رب الدين قبوله هو الدين