ولهما إن أقاماهما الإقلاع يعني أن الزوجين إذا أقاما الحكمين من جهتهما فلهما أن يرجعا عن تحكيمهما وكذا لأحدهما ذلك، وإنما يكون لهما ذلك ما لم يستوعبا أي يستكملا الكشف عن أمر الزوجين حتى علماه، ويعزما على الحكم بوقوع الطلاق، وأما إن استوعبا الكشف وعزما على أنهما يحكمان بالطلاق فإنه ليس لأحدهما، ولا لهما معا أن يرجعا عن التحكيم ولو رضيا بالبقاء، وقال ابن يونس: ينبغي إذا رضيا معا بالبقاء أن لا يفرق بينهما، وأما لو كان الحكمان موجهين من جهة السلطان فليس للزوجين الرجوع عن تحكيمهما وإن لم يستوعبا الكشف كما في المواق. قاله عبد الباقي.
وقال الشبراخيتي: ولهما على تقدير مضاف أي ولأحدهما وأحرى هما، ثم قال: ومفهوم الظرف وهو ما من قوله: "ما لم يستوعبا" إلخ أنهما لو استوعبا الكشف وعزما على الحكم أنه ليس لأحدهما الإقلاع أي الرجوع، وأما هما معا فلهما ذلك، وقوله: "ولهما" إلخ مبني على أحد الترددين الآتيين في باب القضاء من أنه يشترط دوام الرضى في التحكيم للحكم، فكلامه مجمل يفصله ما سيأتي. انتهى.
فإن طلقا يعني أن الحكمين إذا اتفقا على أنهما يوقعان الطلاق، ولكن اختلفا في المال فقال أحدهما طلقت بمال وقال الآخر طلقت بغير مال، أو قال أحدهما طلقنا معا بمال وقال الآخر بغير مال: فإن التزمت المرأة المال وقع الطلاق كما نص عليه الجواهر، وإن لم تلتزمه أي المال المرأة فإنه يعود المال كما كان ولا طلاق، وأما اختلافهما في الجنس والصفة فخلع المثل إلا أن يزيد عنهما أو ينقص فأقربهما له. قاله الشيخ الأمير.
وقال الشيخ عبد الباقي: واختلافهما في القدر يوجب له خلع المثل، ولو حكم أحدهما بالطلاق والآخر بالبقاء لم يلزم شيء، وفي الحطاب: وإذا حكم أحدهما بالفراق ولم يحكم الآخر لم يلزم شيء. قاله في المدونة. وقوله: "فإن لم تلتزمه فلا طلاق" أي لأن مجموعهما قائم مقام الحاكم، ولا وجود للمجموع مع انتفاء بعض أجزائه.