المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (?)).
واعلم أن القسم واجب على الزوج المكلف إجماعا، وسئل أبو عمر عمن يجور بين نسائه ولا يعدل هل ذلك جرحة له؟ قال: نعم إن تابع ذلك وداوم عليه، ومفهوم الجمع في قوله: "للزوجات" أي أو للزوجتين أن الزوجة الواحدة لا يجب البيات عندها إلا لخوف ضرر كما يأتي بأتم مما هنا إن شاء الله. واحترزت بقولي: العاقل من غير العاقل، فإنه سيأتي للمص "وعلى ولي المجنون إطافته"، وما تقدم من تقييد الزوجات بالمطيقات تبعت فيه غير واحد، ونقل الشبراخيتي عن الأجهوري أنه قال: ولا يلتفت لتقييد بعض الشيوخ في وجوب القسم بالطيقة للوطء.
وقوله: "للزوجات" قال الشبراخيتي: أل فيه للجنس، وأل الجنسية إذا أدخلت على الجمع أبطلت منه معنى الجمعية وصار المقصود منه مطلق التعدد في ذلك الجنس، فيصدق بالاثنين فأكثر، لقوله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}، وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، ولخبر: (من تزوج امرأتين فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط).
وعلم مما قررت أن المراد بالقسم في المبيت أن يكون لكل واحدة يوم وليلة، وأما الزيادة على ذلك فلا تكون إلا برضى جميع من معه، وينبغي أن يكون النقص عنه كذلك وهذا إذا كانتا في بلد واحد أو بلدين في حكم البلد الواحد. قاله الشبراخيتي. قال: وأما إن كانتا في بلدين ليسا في حكم البلد الواحد فله أن يزيد على ذلك، ولكن مع التساوي فله أن يقسم جمعة وجمعة وشهرا وشهرا على قدر ما يندفع به الضرر في الذهاب والإياب، وليس له أن يزيد في مدة إحداهما على مدة الأخرى إلا لمصلحة من تجارة أو ضيعة -بالضاد المعجمة- ينظر فيها ونحوها.
والظاهر أن المراد بكون البلدين في حكم البلد الواحد أن يحصل ارتفاق أهل كل بلد بأهل الأخرى كما ذكروا نحوه في صلاة القصر، فقد بان أن هنا مقامين جواز الزيادة في القسم على يوم وليلة مع المساواة في المدة، وجواز الزيادة في القسم أيضا مع جواز زيادة مدة إحداهما على مدة الأخرى،