وعينت كل بينة زمانا غير الذي عينته الأخرى، فإنه يلزمه الصداقان ويحمل على أنه طلقها، وقيد ابن عبد السلام لزوم الصداقين بما إذا أقامت المرأة بالنكاحين معا، وأما إذا أقامت بأحدهما فلا يمكن أن تأخذ مجموع الصداقين. انتهى. وكأنه أي الزوج لما أقام بينة على خلاف ما أقامت هي عليه البينة قالت المرأة حينئذ: ما شهدت به بينة الزوج صحيح أنه عقد علي عقدين، أما لو اتحد زمن البينتين لسقطتا. هذا الذي يظهر. والله أعلم. قاله الحطاب. وهذا التقرير الأخير للمص وابن عبد السلام، والأول لابن عرفة وابن فرحون كلاهما عن ابن شأس. انظر الحطاب، وعلى التقرير الأول فلا فرق بين أن ينكر الزوج النكاح أصلا أو يقول: ما تزوجتها إلا مرة واحدة كما صرح به الشبراخيتي.
وقدر طلاق بينهما يعني أن الشرع يقدر وقوع طلاق بين العقدين ليتحقق العقد الثاني، وكلفت بيان أنه بعد البناء يعني أنه يلزمه للنكاح الأول نصف الصداق، بناء على أن الطلاق يقدر قبل البناء وحينئذ فعليها البينة أنه طلقها بعد البناء، فإذا أتت ببينة لزم في النكاح الأول الصداق كله وهذا هو مقتضى المذهب. كما قاله ابن عرفة. وقيل إن الطلاق يقدر بعد البناء فيلزمه الصداق كله للنكاح الأول إلا أن يأتي ببينة تشهد له أن الطلاق وقع قبل البناء، ويلزمه صداق النكاح الثاني كله إن لم يطلقها كما مر.
وقوله: "وكلفت بيان أنه بعد البناء" أي لأن الزوج غارم والأصل عدم البناء، والقول قول الزوج فيهما اتفاقا، ولو قلنا بوجوبه كله بالعقد وعلى هذا فما ذكره المص يجري على الأقوال كلها؛ أي سواء قلنا إنها تملك بالعقد النصف أو الجميع أو لا تملك شيئا، وهذا يخالف ما مر من أن الزوج يكلف بيان أنه قبل البناء وفيه نظر؛ أي في كون الزوج يكلف بيان أنه قبل البناء؛ لأن الذمة لا تلزم إلا بمحقق والمحقق بتقديره قبل البناء النصف والنصف الآخر مشكوك فيه، فتكلف هي بيان أنه بعد البناء فصح أن ما قاله المص يجري على الأقوال الثلاثة، أما على أنها تملك بالعقد الجميع فإن الطلاق يشطره، وكذا على أنها لا تملك بالعقد شيئا وأما على أنها تملك بالعقد النصف فذلك واضح.