عبد الباقي: وما تقدم عن ابن عرفة من قوله لجواز تقدم حلفها لخ يظهر في الولاية العامة أو الخاصة المتعددة مع التساوي، كشقيقين لها حلفت أن لا يعقد لها أحدهما معينا، وأما إن لم تكن الخاصة إلا واحدا فحيثما رضيت بالصداق والزوج فلا حق لها في عدم تولية أخيها مثلا حتى تحلف أنه لا يعقد لها إلا من رضيت به. انتهى.
وندب إعلامها به يعني أنه يندب أن تعلم البكر بأن صمتها رضا، فيقال لها فلان خطبك بصداق قدره كذا نقده كذا ومؤخره كذا، فإن رضيت فاصمتي وإن كرهت فانطقي وظاهره الاكتفاء بمرة واحدة، وقال ابن شعبان: يقال لها ذلك ثلاث مرات إن رضيت فاصمتي وإن كرهت فانطقي. قاله الشارح وغيره. وفي العتبية: ولا يسألها الشهود ولا الولي إذا سكتت هل رضيت. قاله الشارح. وقال عبد الملك في كتاب ابن القرطي: ويطيلون الجلوس عندها قليلا، قال: ومعنى ذلك ليلا تبهت وتخجل في وقت دخولهم عليها فيمنعها ذلك من المسارعة إلى الإنكار، فيطال المقام عندها قليلا لتستدرك ما تريده. انتهى قاله الشارح.
ولا يقبل دعوى جهله يعني أن البكر إذا سكتت حتى عقد نكاحها ثم قالت لم أعلم أن ذلك الصمت إذن، فإنه لا يقبل دعواها أنها جهلت أن الصمت رضا بل يلزمها النكاح. في تأويل الأكثر المجرور متعلق بقوله: "يقبل" يعني أن عدم قبول جهلها أن الصمت رضي هو الذي تأول عليه المدونة أكثر الشيوخ وهو الأصح لأنه مشهور عند كل أحد، وظاهر المص ولو عرفت بالبله وقلة المعرفة خلافا لعبد الحميد الصائغ القائل: ينظر إلى هذه الصبية فإن علم منها البله وقلة المعرفة قبل منها ذلك وإلا فلا. انتهى. ومقابل الأصح وهو تأويل الأقل أنه يقبل دعوى جهله، قال الشارح: ولعل تأويل الأقل مبني على وجوب إعلامها به، وقال الشارح أيضا: ولهذه المسألة نظائر لا يعذر فيها بالجهل وهي تسع وثلاثون مسألة. وقد نظمتها في هذه الأبيات فقلت:
ثلاثون لا عذر بجهل يرى بها ... وزدها من الأعداد تسعا لتكملا
فأولها بكر تقول لعاقد ... جهلت بأن الصمت كالنطق مقولا