إن لم يجبر يعني أنه إنما يصح نكاح الأبعد مع وجود الأقرب حيث لم يكن الأقرب مجبرا، وأما إن كان الأقرب مجبرا فإنه يتحتم فسخه إلا ما يأتي في قوله: "وإن أجاز مجبر في ابن وأخ وجد" لخ. ولما كان قوله: "وبأبعد" لخ مفيدا للصحة وغير مفيد للجواز ولا عدمه ابتداء بين ذلك بقوله: ولم يجز يعني أن نكاح الأبعد مع وجود الأقرب لا يجوز الإقدام عليه، وإن صح بعد الوقوع وهذا هو المشهور، وحكى ابن عبد السلام عن بعضهم أن الذي تعطيه المدونة جواز الإقدام عليه، وحكى القاضي عن البغداديين جوازه ابتداء من غير كراهة وقيل بالكراهة. قاله الشارح. وقوله: "ولم يجز" إنما يرجع لقوله: "وبأبعد مع أقرب"، لا لقوله: "وصح بها في دنية" لما تقدم من أن المشهور الجواز فيها. والله تعالى أعلم. قاله الشيخ بناني.
كأحد المعتقين؛ يعني أن حكم الوليين غير المجبرين إذا استويا في الدرجة كحكم الولي الأبعد مع وجود الأقرب، فيصح النكاح كأمة أعتقها شخصان مثلما فيصح أن يعقدها كل واحد منهما إلا أن هذا النكاح يجوز الإقدام عليه، فالتشبيه إنما هو في الصحة فقط، وكوصيين غير مجبرين وأبوين كذلك فيمن ألحقتها القافة بهما، فإن كان الأبوان أو الوصيان مجبرين فلا يزوج أحدهما دون إذن الآخر فإن أذن صح النكاح وإلا فسخ وإن أجازه الآخر، فإن كان وصي ومشرف وأنكح الوصي بدون إذنه فالعقد صحيح إلا أنه موقوف على إجازته، فإن مات المشرف وقف على نظر القاضي. قاله الحطاب. وقوله: "كأحد المعتقين" تنبيه على أن الأخوين ونحوهما أولى لأن المعتقين مجموعهما هو الولي لا أحدهما بخلاف الأخوين ونحوهما؛ لأن كل واحد من المعتقين إنما له نصف الولاء فلذلك نص عليهما، وأما الأخوان ونحوهما فكل واحد منهم ولي مستقل. وقوله: "كأحد المعتقين" الكاف للتشبيه كما قررت، ولا يصح أن تكون للتمثيل لعدم شمول ما قبلها لما بعدها.
ولما كانت غير المجبرة يحتاج وليها إلى إذنها ذكر ما يكون منها دليلا على الرضى مقسما لها إلى بكر وثيب، فقال: ورضى البكر صمت يعني أن الولي غير المجبر لا يزوج المرأة إلا برضاها، فإن كانت بكرا فإنه يكفي في إذنها صمتها ولا يشترط نطقها لا جبل عليه أكثرهن من الحياء فيمتنعن من النطق وليلا تنسب في ذلك إلى الليل إلى الرجال، وقوله: "ورضى البكر صمت" أي يكفي في