التفريق بها لندبها من المبتدئ وكراهتها فقط من المجيب ولا يضر التفريق بها، ولو اجتمع مندوبها ومكروهها في العقد كذا أفاده بعض الشافعية، وأجاز أبو حنيفة التفريق مطلقا كثر أو قل، والكثير يضر عند مالك إلا في مسألة الإيصاء الآتية فلا يضر للإجماع. قاله الشيخ عبد الباقي. وما قاله في القوانين نقله الإمام الحطاب، وقال هو ظاهر جار على قول ابن القاسم، وقال الشيخ محمد بن الحسن: اعترض ما في القوانين شيخ شيوخنا أبو عبد الله المسناوي بما في المعيار مما يقتضي الاتفاق على صحة النكاح مع تأخر القبول عن الإيجاب من الولي المجبر، قال: ومثله قول الشيخ أبي محمد بن أبي زيد في الرجل يقول زوجت ابنتي فلانا إن رضي أن له الرضا بإجماع، قال ابن غازي في تكميل التقييد بعد نقله: وقد قبل ما قاله أبو محمد ابن رشد وغيرُه، وهو موافق لما قاله الباجي. انتهى. وبذلك أفتى العبدوسي والقوري، قال المسناوي: فما للحطاب عن القوانين وقلده فيه علي الأجهوري وأتباعه عار عن المستند غير معزو إلى أحد مخالف مع ذلك لما ذكر من الإجماع فوجب طرحه بلا نزاع، إلا أن يتأول بأن المراد الفور بين القبول وعلم الإيجاب أي العلم به فيرجع لما قاله الجماعة. انتهى. قال محمد بن الحسن: ما في الحطاب عن القوانين مثله نقله الحفيد بن رشد في نهايته عن مذهب مالك، ونصه: وأما تراخي القبول في العقد من الطرفين فأجاز مالك من ذلك التراخي اليسير، وممن منعه مطلقا الشافعي وأبو ثور، وممن أجازه مطلقا أبو حنيفة وأصحابه، والتفرقة بين الأمد الطويل والقصير لمالك. انتهى. وهو نص في ما قاله الحطاب وبه يبطل دعوى الإجماع، ومتل ما للحفيد في المعيار اللهم إلا أن يتأول بما ذكر من أن المراد الفور بين القبول وعلم الإيجاب ليحصل الوفاق فلا يبعد ذلك. والله تعالى أعلم. انتهى كلام الشيخ محمد بن الحسن.
وحاصل الرهوني تقوية ما في القوانين والحطاب غاية، وأنه يجب طرح ما للمسناوي.
تنبيه: مما يحسن إيراده هنا مسألة الأنكحة الغريسية وذلك أنه جرت عادة بلد غريس أن يوجه الرجل من يخطب له فيجاب بالقبول ويتواعدون للعقد الشرعي في ليلة البناء ثم، يبعث للمرأة أو وليها حناء وحوائج تتزين بها وهدايا في المواسم ويولول النساء عند الخطبة ويسمع الجيران أن فارنا تزوج فلانة ويشتهر عندهم، فما الحكم إذا طرأ قبل البناء والعقد تنازع وتنافر بينهم أو موت