الشيوخ في الرد على غيره، كأن يقول في كلامه قصور أو ضعف لأن القول في كلامه ذلك نصب نفسه لبيان أمر فلم يف به، وهذا إذا قصد بيان الحق من غير أن يكون هناك غرض في تنقيص القائل بإظهار خطئه وقلما يتفق ذلك، فالحذر الحذر من خدع النفس.

وتجب الغيبة في المشاورة تحذيرا وتحريرا، فيجب أن تفصح بعيب من استنصحت في مصاهرته أو معاملته أي حيث لم يكن بد من التصريح كما مر، وتندب في تعريف من لم يسئل إذا خاف معاملة من يجهل حاله ومن النصيحة أن يرى من يشتري شيئا معيبا لا يعلم بعيبه فيجب أن يعلمه أو يرى فقيها يتردد إلى مبتدع أو فاسق لأخذ العلم عنه أو يرى في ولاية من لا يقوم بها على وجهها أو لعدم أهليته فيذكره لمن له عليه ولاية ليعرف حاله فلا يغتر به، والمباح هو القدر المحتاج إليه دون زيادة فإذا كانت المشاورة في النكاح لم يجز أن يذكر عيوب الشركة والاستقراض ونحو ذلك، وتباح الغيبة أيضا في الاستفتاء فيذكر حال ظاله للمفتي، كأن يقول ظلمني فلان بكذا فما طريق دفع ظلمه عني وما يباح لي فيه، ويقتصر فيه على القدر الذي تدعو إليه الضرورة، وتباح أيضا في الخصومات بأن يقول لخصمه أنت ظالم ماطل أنت آكل أموال الناس بالباطل وهذا مبني - والله أعلم - على أنه لا فرق في الغيبة بين حضور القول فيه وغيبته وهو قول مرجوح، وتباح الغيبة أيضا في التظلم بأن يذكر ظلمه عند ذي سلطان أو من يقدر على إنصافه منه. وفي الحديث الصحيح: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته (?)) عرضه يعني شكايته وعقوبته يعني سجنه، واللي بفتح اللام المطل، والواجد الغني من الجدة، وتباح أيضا في حق المجاهر بالبدع وفي صاحب بدعة يخفيها فإذا ظفر بأحد ألقاها إليه، وتباح أيضا في حق المجاهر بالكبائر فيما جاهر به بحيث لا يستنكف أن يذكر بها، وفي إطلاق الغيبة على هذا تجوُّز إذ هي ذكر أخيك بما يكره وحيث أبيحت فالتعريض أحسن حيث كان التصريح أتم في إفادة الغرض، فإن أغنى التعريض عن التصريح حرم التصريح والصحيح أن ما يخفيه الفاسق لا يجوز ذكره به، وتباح أيضا لضرورة التعريف كالأعمش والأعرج وأبي الزناد بكسر الزاء وكان يغضب من تلك الكنية فلا إثم على من يقول روى أبو الزناد عن الأعرج وسليمان عن الأعمش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015