فتحصل أن في ذلك ثلاثة أقوال: المنع لابن شأس وتابعيه، والكراهة لسند، والجواز لابن عرفة. قاله الحطاب. ابن عبد السلام: وأما إعطاء المال فقد مال جماعة من أهل المذهب وغيرهم إلى جواز ذلك في غير مكة إذا دعت الضرورة إليه، ولا يوجد عنها محيص، وينبغي أن يجوز ذلك هنا بطريق الأولى؛ لأن الضرورة في تخليص مكة أو تحصيل المناسك آكد.

وفي جواز القتال مطلقا تردد؛ يعني أنه اختلف المتأخرون في النقل عن المذهب في جواز قتال الحاصر عن الحج بالحرم أو بمكة مطلقا، كان الحاصر كافرا أو مسلما، فذكر ابن شأس وابن الحاجب أن ذلك لا يجوز، وذكر سند وابن عبد البر أن قتال الحاصر جائز، قال في التوضيح: قال ابن هارون: والصواب جواز قتال الحاصر، ومحل الخلاف إذا لم يبدأ الحاصر بالقتال، فإن بدأ به جاز بلا خلاف، قال ابن عرفة: قتال الحاصر البادئ به جهاد وإن كان مسلما، وفي قتال غير بادئ به نقلا سند وابن الحاجب مع ابن شأس عن المذهب، والأول الصواب إن كان الحاصر بغير الحرم؛ يعني بالحرم غير مكة، وأما في غير الحرم فلا يختلف في جوازه، قال ابن عرفة: وإن كان بها أي بمكة فالأظهر نقل ابن شأس، لحديث: (إنما أحلت لي ساعة من نهار). انتهى المراد منه. واعترض على ابن هارون، واعتراضه عليه غير ظاهر؛ لأنه قد نقل عن سند جوازه، ونقل المصنف في التوضيح جوازه عن صاحب الكافي، وكلام ابن العربي كاف في ذلك أيضا، وأما حديث: (إنما أحلت لي ساعة من نهار (?))، وما في معناه من الأحاديث الدالة على المنع، فإن ذلك محمول كما قاله النووي عن الشافعي على القتال بما يعم كالمنجنيق إذا أمكن صلاح الحال بدونه وإلا جاز، وجاز حمل السلاح حينئذ بمكة وخبر: (لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة) (?) محمول عند أهل العلم على حمله لغير ضرورة، ولا حاجة وإلا جاز، وهو قول مالك والشافعي وغيرهما: ويجوز دخولها بعده صلى الله عليه وسلم لحرب في قتال جائز، وقول القاضي: لا يحل دخولها بعده لحرب أو بغي، يحمل على غير القتال الجائز، وأما هو فيجوز دخولها له ولو بغير إحرام، وقول الخبر: (وإنما أحلت لي ساعة من نهار (?))؛ أي أحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015