وقيل: المنع تعبد، وأما إن بلغ محله سليما فله الأكل منه، وهدي التطوع هو ما لم يجب بشيء، ولم يجعله للمساكين بلفظ ولا نية.

وتلقى قلادته بدمه؛ يعني أن هدي التطوع إذا عطب قبل محله، فإن صاحبه ينحره ويلقي قلادته بدمه لتكون قلادته الملقاة بدمه علامة لكونه هديا ولإباحة أكله. ويخلى للناس؛ يعني أنه إذا نحر هدي التطوع وألقى قلادته بدمه، فإنه يخلي بينه وبين الناس؛ أي يتركه للناس مسلمهم وكافرهم غنيهم وفقيرهم، وكلامه مفيد لأمرين إجزاؤه مع عطبه قبل المحل، وعدم أكله هو منه، وعد هذا قسما رابعا إنما هو باعتبار مفهوم الشرط، وهو أنه يأكل منه بعد حيث لم يعطب، وما ذكرته من أن هدي التطوع لا يختص بالفقير هو ظاهر المدونة، وصرح به ابن عبد السلام والتوضيح خلاف ما ذكره سند من أن هدي التطوع مختص بالفقير، ونقله الحطاب. وفي المدونة: وإن عطب هدي التطوع ألقى قلائدها في دمها إذا نحرها، ورمى عندها جلالها وخطامها، وخلى بينها وبين الناس، ولا يأمر من يأكل منها فقيرا ولا غنيا. انتهى.

قال الصرصري: قال الشيخ عن شيخه عن أبي محمد صالح: إن قولها: ألقى قلائدها في دمها، هو مقصود وذلك علامة لكونها هديا ولإباحة أكلها وليلا تباع. أبو محمد صالح: إنما قال لا يأمر من يأكل منها سدا للذريعة وحسما للباب، وذلك مخافة أن يخص بها أصحابه. انتهى. نقله العلامة الخرشي.

كرسوله، تشبيه فيما قبله من عدم الأكل وإلقاء القلادة بالدم والتخلية بينها وبين الناس؛ يعني أن رسول صاحب هدي التطوع إذا عطب الهدي المبعوث معه قبل محله، ينحره أو يذبحه، ويلقي قلادته في دمه، ويخلي بين الناس وبينه، ولا يأكل منه ولو كان فقيرا على مذهب المدونة كما حققه الرماصي والبناني. وقال سند: إن الرسول يأكل من هدي التطوع إذا عطب قبل محله إن كان فقيرا، ونصه: وكل هدي لا يأكل منه صاحبه لا يأكل منه نائبه، إلا إن كان بصفة من يستحقه، وما قررت به كلام المصنف من أنه تشبيه في ما قبله بلصقه هو المتبادر منه، ويحتمل أنه تشبيه في جميع ما تقدم من الأحكام والأفعال وهو الأظهر، قال فيها: والمبعوث معه الهدي يأكل منه إلا من الجزاء والفدية والنذر للمساكين، إلا أن يكون الرسول مسكينا فجائز أن يأكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015