قبل الحكم بها أعاد ولابد من لفظ الحكم، والأمر بالجزاء قاله الحطاب، ولا تكفي الفتوى ولا الإشارة؛ لأن الحكم إنشاء، فلا بد فيه من اللفظ ولا يحتاجان لإذن الإمام، ولابد أيضا أن لا يكون من ترتب عليه الجزاء أحدهما، واشتراط العدالة يستلزم الحرية والبلوغ وعلم ما يحكمان به، وصرح به لأجل تقييده بالجار والمجرور، فقال: فقيهين بذلك؛ يعني أنه يشترط في الحكمين أن يكونا فقيهين بأحكام الصيد؛ بأن يعرفا ما يحكم به من قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}، ثم قال: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}، مثله؛ أي الصيد، وهو خبر المبتدأ؛ أعني قوله: "والجزاء". من النعم؛ يعني أن المحرم أو من في الحرم إذا وجب عليه الجزاء، فإنه بالخيار بين ثلاثة أمور أيها فعل أجزأ: أحدها هدي بالغ الكعبة مثل الصيد من النعم أي مقاربه في القدر والصورة، فإن لم يوجد فالقدر كاف، والنعم الإبل والبقر والغنم، وقوله: من النعم، بيان لمثله، ولا يجوز أن يكون مثله مبتدأ. ثانيا ومن النعم خبره والجملة خبر المبتدأ الأول، وهو قوله: "والجزاء"، لخلو الجملة الواقعة خبرا عن الرابط؛ لأن الضمير في "مثله"، عائد على الصيد، قال عبد الباقي: وكلامه -يعني المصنف- هنا في غير ما ورد فيه شيء معين مما سيذكره، فلا يكون فيه ما ذكر هنا، بل ما سيذكره إما بحكم أو بلا حكم كحمام مكة والحرم ويمامه، فقوله: "والجزاء"، حكم على بعض الأفراد. انتهى. قوله: وكلامه هنا الخ، قال محمد بن الحسن: هذا الكلام باطل، والنقل يدل على التخيير بين الأنواع الثلاثة في الجميع ما ورد فيه شيء وما لم يرد فيه غير حمام مكة والحرم.

تنبيه: قد مر أنه يشترط اللفظ بالحكم والأمر بالجزاء، ومعنى الأمر بالجزاء أن المحكوم عليه يأمرهما بالحكم عليه بالجزاء أي بأحد الثلاثة لا بخصوص لفظ الجزاء، وفي التتائي: لابد من لفظ الحكم والجزاء، واعترضه الرماصي بأن الحكمين لا يشترط أن يتلفظا بالجزاء بل بالحكم فقط، ففي الموطإ: (قال عمر لرجل بجنبه: تعال أحكم أنا وأنت فحكما (?)). قاله محمد بن الحسن بناني. وظاهر المصنف أنه لابد من الحكم في الجزاء مثلا أو طعاما أو صياما، قال الحطاب: ولا أعلم خلافا في اشتراط الحكم في الأولين، وأما الصوم فصرح ابن الحاجب باشتراط ذلك فيه: وذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015