الزوال لكان أحسن، ليكون مشيرا بإن لخلاف الشافعي وأحمد، واستدلا بخبر: (لَخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (?))، والسواك بعد الزوال يذهبه، وقوله: لخلوف، بضم الخاء وفتحُها خطأٌ أو لغة قليلة: هو تغير ريح الفم، قال المصنف: ولا دليل فيه على الكراهة؛ لأن الخلوف هو ما يحدث من خلو المعدة، وذلك لا يذهبه السواك. انتهى. فإن قيل: هو وإن لم يذهبه فهو يخففه وهو أثر عبادة فلا ينبغي إزالتها ولا تخفيفها كدم الشهيد، قلنا: المصلي يناجي ربه فيندب تطييب فيه، بخلاف الشهيد. قاله عبد الباقي.
وقال الأمير: جاز سواك كل النهار، وكرهه الشافعي بعد الزوال، لنا أنه كناية عن مدح نفس الصوم، وإن لم تبق حقيقة الخلوف كما يقال: فلان كثير الرماد كريم، وإن لم يكن رماد وهذا خير مما قيل: إن السواك لا يزيل الخلوف فإنه من المعدة، وفي الصحيح ما يقوي مذهب الشافعي من (أن موسى صام ثلاثين يوما، فوجد خلوفا فاستاك منه، فأمر بالعشرة كفارة لذلك (?))، ولعله لمعنى يخصه، أو أن العبرة في شريعتنا بعمومات أحاديث السواك، فإنها مبنية على التيسير بخلاف الشرائع السابقة، وقد قال المعز بن عبد السلام في هذه المسألة بمذهبنا مع أنه شافعي، ورأيت خلافه لسيدي علي في مفاتيح الخزائن العلية، مع أنه مالكي. انتهى.
وقال الخرشي عند قوله. "وجاز سواك كل النهار": أي وجاز لغير مقتض شرعي، وأما لمقتض شرعي كالوضوء والصلاة والذكر فمندوب. انتهى. وقول المصنف: "وجاز سواك كل النهار"، دليله قوله عليه الصلاة والسلام: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، فعم الصائم وغيره، وروى أبو داوود عن عامر بن ربيعة وأنس: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أعد ولا أحصي (?))، وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان يستاك لكل صلاة وهو صائم، فإن قيل الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فيعلم الخلوف منتنا، فكيف يكون عنده أطيب من المسك؟ فالجواب أنه ليس المراد أن رائحته طيبة، بل شبه الحسن الشرعي