وفي تكفير مكره رجل ليجامع قولان، مبتدأ، وخبره المجرور المتقدم، قرره غير واحد على أن قوله: "مكره" بفتح الراء -قاله الشبراخيتي- من إضافة الصفة للموصوف؛ أي أنه إذا أكره رجل على الجماع في نهار رمضان وهو صائم، فإنه اختلف في لزوم الكفارة له؛ أي للرجل المكره بالفتح على قولين، فقيل: يلزمه أن يكفر عن نفسه نظرا لانتشاره وهو قول عبد الملك وهو ضعيف، وقيل: تسقط عنه الكفارة وهو المعتمد، قال عياض: وأكثر أقوال أصحابنا أنه لا كفارة عليه، وكذا الباجي فإنه قال: ذهب أكثر أصحابنا إلى أنه لا كفارة عليه وهو الصحيح، وقول عبد الملك ضعيف، وهذا التقرير فيه تعسف جدا، والأولى أن يقرأ: "مكره" بكسر الراء من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، والمعنى عليه أن من أكره رجلا على الجماع اختلف، هل يكفر المكره بالكسر عن الرجل المكره بالفتح أو لا يكفر عنه؟ فقد نقل ابن الحاجب في وجوب الكفارة على المكره بالكسر قولين واستقرب ابن عبد السلام والمصنف السقوط لأنه متسبب، والمكره بالفتح مباشر، وقد قال ابن عرفة: نقل ابن الحاجب وجوب الكفارة على مكره رجل على وطء لا أعرفه إلا من قول اللخمي، ومن قول ابن حبيب. انتهى.

فغاية الأمر أن المعتمد السقوط، وهذا أيضا لازم على التقرير الأول، وأما من أكره امرأة على الجماع، فإن أكرهها لنفسه كفر عنها، وإن أكرهها لغيره كفر عنها ذلك الغير، ولو كان ذلك الغير مكرها نظرا لانتشاره، ومن أكره غيره على الشرب عليه -أي المكرِه بالكسر- الكفارة عن المكرَه بالفتح؛ وهو قول مالك وابن حبيب؛ وهو ظاهر المدونة عند بعض الشيوخ، ومثل الشرب الأكل فيما يظهر، وذكر في التوضيح أن مذهب المدونة سقوطها عمن أكره شخصا وصب في حلقه ماء، ولا كفارة على المكرَه بفتح الراء على أكل أو شرب، ولا على امرأة مكرهة على الجماع، وقال في التنبيهات: واختلف في الرجل المكره على الوطء، فقيل: عليه الكفارة؛ وهو قول عبد الملك: وأكثر أقوال أصحابنا أنه لا كفارة عليه، ولا خلاف أن عليه القضاء، والخلاف في حده والأكثر على إيجاب الحد. انتهى. نقله الحطاب. مسألة: قال عبد الحق عن أبي عمران فيمن غر رجلا وقال له لم يطلع الفجر وجعل يأكل: أنه لا كفارة على الغار؛ لأنه غرور بالقول، قال: ولو أطعمه بيده لقمة وجعل الطعام في فيه، فهاهنا يكفر عنه لأنه غرور بالفعل، ولا كفارة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015