بقوله: أو عتق رقبة؛ يعني أن المكفر بالخيار بين أن يطعم أو يصوم شهرين متتابعين، أو يعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب الآتية في الظهار.
وبما قررت علم أن قوله: كالظهار، راجع للصوم والعتق، ومعنى التشبيه بالنسبة للصوم أن الشهرين يحسبان بالهلال إذا بدأ بالصوم من أول الهلال ناقصا كان أو كاملا، وإلا كمل النكسر ثلاثين، ويكونان متتابعين، ولا بد أن ينوي تتابعهما، ولا بد أن ينوي بصومهما الكفارة إلى غير ذلك مما يأتي في صوم شهري الظهار، ومعنى التشبيه بالنسبة للعتق أن تكون مؤمنة محررة للكفارة سليمة من قطع إصبع وعمى وبكم وجنون وإن قل، ومرض مشرف، وقطع أذنين، وصمم وهرم وعرج إلى غير ذلك مما يأتي في الظهار بأتم مما هنا فيراجع هناك وبالله تعالى التوفيق، وليس التشبيه في الترتيب كما علمت، ولا في أن المد هنا كالمد في باب الظهار.
وعلم مما مر أن التخيير إنما هو في حق الحر المكلف الرشيد، وأما العبد والسفيه فقد مر الكلام عليهما عند قوله: "وهو الأفضل"، فراجعه إن شئت، وأما الصبي فلا قضاء عليه ولا كفارة. والله سبحانه أعلم.
وما ذكره المصنف من أن الكفارة الكبرى تكون بأحد الأمور الثلاثة على التخيير هو المعروف والمشهور من المذهب كما نص عليه غير واحد، وقال ابن الحاجب: والمشهور أنها إطعام ستين مسكينا مدا مدا كإطعام الظهار دون العتق والصيام، وقيل: على الأَوْلَى، وقيل: على التخيير: وقيل: على الترتيب كالظهار، وقيل: العتق أو الصيام للجماع والإطعام لغيره، وفيها لا يعرف مالك إلا الإطعام لا عتقا ولا صوما. انتهى.
قال في التوضيح: يعني أنه اختلف في الكفارة الكبرى، هل هي مقصورة على الإطعام، أو هي على التخيير في الثلاث، أو هي على الترتيب كالظهار أو تتنوع؟ ومقتضى كلامه أن المشهور الحصر في الإطعام، وفيه نظر، فإن الذي نص عليه غير واحد أن المعروف والمشهور من مذهبنا أنها على التخيير، لكن الإطعام أفضل لأنه أعم نفعا، ومنهم من علل استحباب الإطعام بكونه هو الوارد في الحديث، واستحب مالك في كتاب ابن مزين البداءة بالصوم ثم العتق، واستحب المغيرة البداءة بالعتق. وقال ابن حبيب: العتق أحب إلي، فإن لم يجد فالصيام، فإن لم يستطع