وقال الأمير عاطفا على ما فيه الفطر: أو دخان كبخار القدر. وقيء؛ يعني أنه يشترط في صحة الصوم ترك إيصال قيء خرج غلبة للحلق ومثل القيء القلس، وقد قَدَّم أن في القيء المستدعى القضاء وإن لم يرجع منه شيء للحلق. وبلغم؛ يعني أنه يشترط في صحة الصوم ترك إيصال البلغم للحلق؛ والبلغم: النخامة. إن أمكن طرحه، راجع للقيء والبلغم؛ يعني أن محل لزوم القضاء في القيء والبلغم إنما هو حيث أمكن طرح كل منهما؛ بأن وصل إلى موضع يقدر على طرحه منه كما لو وصل إلى لسانه أو لهاته، وأما إن لم يمكن طرح القيء بأن لم يبلغ موضعا يقدر على طرحه منه، فحكمه حكم ما في المعدة أي لا قضاء، وإن لم يمكن طرح البلغم بأن لم يبلغ موضعا يقدر على طرحه منه فحكمه حكم ما في الصدر والرأس من البلغم؛ أي لا قضاء فيه.
والحاصل أنه يقضي حيث وصل الراجع من القيء والبلغم -على ما قال المصنف- للحلق بعد أن بلغ كل منهما الموضع الذي يقدر على طرحه منه، سواء كان رجوعهما إلى الحلق عمدا أو غلبة أو سهوا، وبتقريري لقوله: "أمكن طرحه"، علمت أنه لا منافاة بينه وبين قولي: غلبة. والله سبحانه أعلم. قال عبد الباقي: والمختار أنه لا قضاء في ابتلاع البلغم، ولو أمكن طرحه، ولو بعد وصوله إلى اللهوات مع كراهة ذلك كما في المواق، جمع لهاة: لحمة مشرفة على الحلق في أقصى الفم، ولا شيء عليه في ابتلاع ريقه إلا بعد اجتماعه. انتهى. قوله: إلا بعد اجتماعه، قال محمد بن الحسن: أي فعليه القضاء، وهذا قول سحنون، وقال ابن حبيب: يسقط القضاء مطلقا، وفي المواق عن سند: وما اجتمع من الريق في فم الإنسان فينفثه، ولو بلعه جاز وإن كان صائما. اهـ. وفي حاشية الأمير أن الأشهر قول ابن حبيب بإلغاء الريق المجتمع اهـ.
واعلم أن ما مشى عليه المصنف في البلغم هو قول سحنون، وقال ابن حبيب وابن القاسم: البلغم لغو، قال ابن عرفة: وفي لغو ابتلاع نخامة ولو عمدا بعد إمكان طرحها ونقضه قولا ابن حبيب مع ابن القاسم، قائلا: أراني سمعته عن مالك والشيخ عن سحنون شاكا في كفارة العامد. اهـ. وفي المواق من اللخمي أن محل الخلاف ما وصل إلى اللهوات وإلا يَصِلْ فَلا خلاف في لغوه وإن قدر على طرحه، والقول بأن ابتلاع البلغم لا يفطر هو الذي عليه اللخمي وابن يونس والباجي وابن رشد وعياض، وقال القباب: هو الراجح. قاله محمد بن الحسن. وقال الشبراخيتي: إن هذا