وقد مر أنه لا ينظر إلى توالي أربعة من الشهور كاملة ولا غير ذلك مما يقوله أهل الحساب. والله سبحانه أعلم. وإن التبست وظن شهرا صامه؛ يعني أن ما تقدم فيمن عرف رمضان من غيره ولم تلتبس عليه الشهور وإنما التبست عليه الأهلة، وأما إن التبست عليه الشهور فلم يعرف رمضان من غيره عرف الأهلة أم لا، فإنه لا يخلو إما أن يظن شهرا رمضان أولا، فإن ظن شهرا رمضان بأن ترجح عنده أنه هو رمضان، فإنه يصوم ذلك الشهر الذي ظن أنه رمضان.
وعلم مما قررت أن المراد بالالتباس عدم اليقين الشامل للظن، كما يفيد ذلك. قوله: "وظن شهرا"، ويعمل مع التباس الأهلة ما تقدم من تكميله للشهور ولا ينظر إلى قول المنجمين، وأما مع عدم التباس الأهلة فالأمر ظاهر. وإلا مركب من إن الشرطية ولا النافية؛ أي وإن لا يظن شهرا رمضان بأن استوت عنده الاحتمالات، تخير شهرا ويصومه، فلو شك في شهر قبل صومه، هل هو رمضان أو شعبان، وقطع فيما عداهما أنه غير رمضان صام شهرين، وكذا لو شك هل هو شعبان أو رمضان أو شوال، فإنه يصوم شهرين أيضا، ولو شك هل هو رمضان أو شوال صام شهرا واحدا؛ لأنه إذا كان رمضان فلا إشكال، وإن كان شوالا كان قضاء، ولو شك هل هو رجب أو شعبان أو رمضان صام ثلاثة أشهر، وليس له أن يؤخر صوم الشهر الأخير في هذه المسائل، بل يجب عليه صوم ما ذكر؛ لأن في التأخير ترك صوم ما يحتمل أن يكون رمضان، ولكن لا كفارة عليه إن أخر لعدم ظنه، وأما في مسألة قوله: "وظن شهرا صامه"، فقال عبد الباقي فيها: وينبغي أن يكون مثل رمضان المحقق في أنه تكفي فيه نية واحدة، وفي الكفارة عند تعمد إفطاره بخلاف من تخير شهرا وصامه. قاله الوالد. وسيأتي -عند قوله: "في رمضان فقظ: عن البرزلي ما يفيده. انتهى.
وقال الحطاب عند قوله: "وإلا تخير"، هذا هو القول الذي صدر به في الشامل، وفرع عليه ابن الحاجب، ومقابله يصوم السنة كلها، ثم إذا فرعنا على القول بأنه إنما يصوم شهرا واحدا، فلو شك في الشهر الذي هو فيه، هل هو رمضان أو شوال صام الذي هو فيه لا أكثر، فإن كان رمضان فقد صامه، وإن كان شوالا كان قضاء، فإن ساوى عدده ما قبله قضى يوما، وإن كان شهره أقل