وبما قررت علم أن قوله ثم يمجه، راجع لمسألتي الملح والعلك وأن العامل في قوله: "علك"، مضغ لا ذوق لعدم صحة تسلطه عليه، إلا أن يقال إن معنى ذوق: تناول، فيصح تسلطه عليه حينئذ، وقوله: "ثم يمجه" وجوبا فيما يظهر، وعليه فإن أمسكه في فيه ولم يبتلع منه شيئا حتى دخل وقت الغروب، هل يأثم لأنه مظنة وصول شيء منه إلى حلقه أم لا؟ قاله عبد الباقي. وفهم منه أن صومه صحيح؛ وهو ظاهر. قاله جامعه عفا الله تعالى عنه.
وقال في المدونة: ويكره له ذوق الملح والطعام ومضغه وإن لم يدخل إلى جوفه ومضغ العلك. أبو الحسن: ليداوي به شيئا؛ يدل عليه مقارنته مع ما قبله ويعني أيضا إذا مضغه مرة، وأما لو مضغه مرارا ويبتلع ريقه فلا شك أنه يفطر؛ لأنه يبتلع بعض أجزائه. قاله الحطاب.
وقال بعد جلب كلام: حاصله أنه إذا ابتلع ريقه فإنه يفطر -والله أعلم- وقال ابن نافع عن مالد: وأكره للصائم مضغ الطعام للصبي ولحس المداد، فإن دخل جوفه منه شيء فليقض، ومن صام من الصبيان فليجتنب ذلك كله، ولا يذوق الصائم الملح والعسل وإن لم يدخل جوفه، قال عبد الملك: وإن وصل شيء منه إلى جوفه من غير تعمد فليقض، وإن تعمد فليكفر، قال أشهب: وأكره لحس الداد ومضغ العلك وذوق القدر والعسل في الفرض والنافلة.
ومن كتاب ابن حبيب: ويكره له ذوق الخل والعسل، ومضغ اللبان والعلك، ولمس العقب ولحس المداد، والمضغ للصبي، فإن فعل شيئا من ذلك ثم مجه فلا شيء عليه، فإن جاز شيء منه إلى حلقه ساهيا فليقض، وإن تعمد فليكفر ويقض، وكل ما يلزم فيه الكفارة في رمضان من هذا أو من غيرد ففيه في التطوع القضاء، وكل ما ليس فيه إلا القضاء في رمضان فليس فيه في التطوع قضاء، وأما في قضاء رمضان وكل صوم واجب ففيه القضاء في هذين الوجهين. وقوله: ولمس العقب، هو مثل قوله في المدونة: بعد ما تقدم أو يلمس الأوتار (بفيه أو يمضغها قال في الصحاح والعقب بالتحريك العصب الذي يعمل منه (?)) الأوتار، الواحدة عقبة، تقول منه عقبت السهم والقدح والقوس إذا لويت شيئا منه عليه. انتهى. وقال بعضهم: والفرق بين العقب والعصب أن العصب يضرب إلى الصفرة