وورد أن صيام يوم التروية كصيام سنة، وأن صيام يوم عرفة كصيام سنتين، وأن صوم يوم من سائر الأيام العشرة كصيام شهر. قاله الحطاب. وأما غير يوم التروية من أيام منى فالمطلوب فيه الإفطار كما يأتي، وفي حديث البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم (?))، وفي خبر أحمد ومسلم وأبي داود عن قتادة الأنصاري: (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة) (?)؛ يعني يكفر صغائر ذنوب صاحبه في السنة التي هو فيها والتي بعدها، بمعنى أن الله تعالى يحفظه أن يذنب فيها، أو يعطى من الثواب ما يكون كفارة لذنوبهما، قال صاحب العدة: وذا لا يوجد مثله في شيء من العبادات. قاله الشيخ إبراهيم. وقال: وأما الحاج فيكره له صومه، لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه [وأبو داود] (?) والحاكم عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة (?))؛ لأنه يوم عيد لأهل عرفة، فيكره صومه لذلك، وليقوى على الاجتهاد في الدعاء، (وصح أنه عليه الصلاة والسلام كان مفطرا، وكذا عمر وعثمان (?)).
ومثل يوم عرفة يوم التروية في استحباب صومه لغير الحاج وكراهته للحاج. وعشر ذي الحجة، بفتح الحاء وكسرها كما في الشبراخيتي وغيره، وكذا اللغتان في الحج كما قاله غير واحد؛ يعني أنه يستحب صيام عشر ذي الحجة لأنه روي أن صيام يوم منها كصيام شهر، هكذا قال في المقدمات. وقال في الذخيرة: روي أن صيام كل يوم منها يعدل سنة، قال في المقدمات: وقيل في قوله تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ (?)} أنها عشر ذي الحجة، وأن الشفع يوم النحر، وأن الوتر يوم عرفة. قاله الحطاب.
وقوله: "عشر ذي الحجة"، من عطف العام على الخاص، والمراد التسع؛ لأن العاشر هو يوم النحر صومه حرام، ففيه إطلاق الكل على الجزء، وندب صوم غير عرفة والتروية ولو لحاج، وعرفة لغير حاج كصيام سنتين، والتروية لغيره كسنة كما في الذخيرة، أو كشهر كما في الحطاب