ولما كان الزيتون أشهر ذوات الزيوت وإدراجه في قوله: من حب أظهر من إدراج بقيتها فيه، نص على وجوب الزكاة فيها مشبها للخفي بالجلي، بقوله: والسمسم، بكسر المهملتين بينهما ساكن؛ وهو الجلجلان؛ يعني أن السمسم كالزيتون في أنه إذا بلغ حبة خمسة أوسق أخرج من زيته العشر أو نصفه، وإن لم يكن له زيت في بعض البلاد أخرج من ثمنه العشر أو نصفه إن بيع، قل الثمن أو كثر، وإن لم يبع أخرج من قيمته العشر أو نصف قيمته.
وبزر الفجل، البزر بكسر الموحدة أفصح من فتحها، والفجل بضم الفاء وسكون الجيم وضمها؛ يعني أن بزر الفجل كالزيتون في جميع ما مر في السمسم، إلا أنه إذا لم يكن فيه زيت لا زكاة فيه، كما نص عليه الحطاب. والمراد بزر الفجل الأحمر؛ وهو السيمقا على ما ارتضاه بعض شيوخ الأجهوري؛ أو هي موافقة للأحمر صفة وطعما ولونا وريحا متوافقة معه في الحكم، وأما بزر الفجل الأبيض فلا زكاة فيه لأنه غير طعام ولا زيت له. والقرطم؛ يعني أن القرطم كالزيتون في أنه إذا بلغ حبة خمسة أوسق يخرج من زيته العشر أو نصفه، وإن لم يكن له زيت في بعض البلاد أخرج من ثمنه أو قيمته على ما مر، والقرطم بضم القاف وكسرها مع شد الميم وتخفيفها قاله غير واحد. وقال الشبراخيتي. بضم القاف والطاء وكسرهما وفتحهما، وهو حب العصفر. انتهى.
وعلم مما قررت أن قوله: كالزيتون خبر عن قوله: "والسمسم"، وما عطف عليه، ولا يخفى ما في كلام المصنف لأنه تقدم له ما يفيد هذا في قوله: "كزيت ما له زيت"، وقال الشيخ سالم: التشبيه في وجوب الزكاة، ولا يغني عن هذا قوله: "كزيت ما له زيت"؛ لأن ذلك إنما هو بصدد بيان كيفية الإخراج، وإلا بطل عمومه لشموله لزيت ما لا زكاة فيه، كزريعة الكتان وغيره، كزيت سلجم وجوز، وبهذا التقرير يخف الاعتراض. انتهى. قاله عبد الباقي.
وقد تقدم في صدر العبارة ما يخف به الاعتراض أيضا؛ وهو للشيخ عبد الباقي والله سبحانه أعلم. وقد تقدم أن ذوات الزيوت أجناس لا يضم بعضها إلى بعض، والأليق بسياق المصنف أن لو قال: والسمسم وبزر الفجل والقرطم أجناس؛ لأنه بصدد ما يضم مما لا يضم. قاله الشيخ سالم. نقله عبد الباقي.