والنسائي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كلما كانت ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: (السَّلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (?)). انتهى.

وفي الرياض: قال عبد الحق: اعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدى إليه، بل الميت أكثر وأكثر؛ لأن الحي قد يستقل ما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف به، والميت لا يستحقر شيئًا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة؛ لأنه يعسر قيمته، وقد كان يقدر عليه فضيعه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (?))، فهذا دعاء الولد يصل إلى والده وينتفع به، وكذلك: أمره عليه السلام بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم، ما ذاك إلا لكون ذلك الدعاء لهم والسلام عليهم يصل إليهم ويأتيهم والله أعلم. ويروى عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: (الميت في قبره كالغريق ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديقه، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها (?)).

قال عبد الحق: وأعلم أن قبور الصالحين لا تخلوا من بركة، وأن زائرها والمسلم عليها والقارئ عندها والداعي لمن فيها لا ينقلب إلا بخير ولا يرجع إلا بأجر، وقد يوجد لذلك أمارة وتبدو له منها بشارة. انتهى. وروى ابن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من رجل مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام (?))، ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم (?)). نقله في الرياض. ومن قرأ هذا الدعاء، وهو: اللهم إني أسألك بجاه نبيك نبي الرحمة، وترابه الطيبة الطاهرة، وما ضمه أن لا تعذب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015