يا أخي تفكر فيما تصير إليه واستعد له، فالموت أمر كُبارٌ؛ قد أنجد وأغار، وكأس يدار، فيمن أقام وسار، وباب تسوق إليه يد الأقدار. قاله الثعالبي. وتلقينه الشهادة؛ يعني أنه يستحب أن يلقن المحتضر الشهادة ويستحب أن يكون ذلك برفق، والأصل فيما ذكره المصنف خبر: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله (?))؛ أي ذكروا من حضره الموت بحضور أسبابه، فهو من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه، وأراد بالشهادة الشهادتين فاكتفى بذكر إحداهما عن الأخرى، كقوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (?))، وقد علم أنها لا تكفي بدون محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل ندب ذلك ليكون آخر كلامه، أو ليطرد به الشياطين الذين يحضرونه لدعوى التبديل؟ -والعياذ بالله تعالى- وجهان ذكرهما المازري في المعلم. ابن ناجي: والصَّواب هما معاً، وظاهر المصنف والخبر: أنه يلقن كان المريض صغيراً أو كبيراً، وخصصه النووي بالثاني، ولا يلح عليه، بل يسكت بعد كل تلقينة سكتة، الأبي: ولا يقال له: قل؛ لأنه تكليف، وليس بمحل تكليف، وإنما يعرض بذكر الشهادتين تعريضا حتى يقولها؛ أي ولأنه لو قيل له: قل، لربما قال: لا، جوابًا لرد فتنة الفتانين، قال الأبي: وَرُدَّ بقوله عليه الصلاة والسلام لأبي طالب وهو في النزع - (يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله (?))، وفيه نظر: إذ هي لم يسبق منه قولها لكفره، والكلام هنا في المسلم، ثم إذا قالها المحتضر بعد التلقين لا يعاد عليه إلا أن يتكلم بكلام أجنبي، فيعاد، لتكون آخر كلامه، لخبر: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة (?))، ويكون الملقن له غير وارث إن وجد، وإلا فأرفقهم به، ولا يضجر من عدم قبول المحتضر لما يلقن؛ لأنه يشاهد ما لا يشاهدون، وفي المدخل: وإن كانوا جماعة فيلقنونه واحدًا بعد واحد، ولا يلقنونه جميعًا؛ لأن ذلك يحرجه ويقلقه، ومن خرس لسانه أو أذهب المرض عقله فلم ينطق قبل الموت، حكم له بما كان عليه قبل من الإسلام، بل بالقطبانية أو بالصديقية العظمى، ولا يضره عدم الإيمان الفعلي، كما أن الكافر يحكم له بما كان عليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015