أنه يندب لمن حضرته أسباب الموت وعلاماته أن يحسن ظنه بالله تعالى، لما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله (?)).
وأعلم أنه إنما يحمد مقام الخوف إذا لم يؤد إلى يأس وقنوط من رحمة الله وإلا كان مذموما، وربما كان كفرا. انتهى. وفي الشبراخيتي: وهل الأفضل للشخص تغليب الرجاء ليلاً يغلب عليه اليأس من رحمة الله، أو الخوف ليلاً يغلب عليه الأمن من مكر الله، أو إن كان عاصياً فالخوف أفضل، أو إن كان صحيحاً فالخوف؟ وهو المختار عندنا، والذي عند الشافعية أن يكون خوفه ورجاؤه مستويين، وإن كان مريضاً فالرجاء لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى. أخرجه ابن أبي الدنيا. في كتاب حسن الظن، وزاد: فإن قوما قد أرداهم سوء الظن بالله، فقال لهم تبارك وتعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (?)}، الحسن: هؤلاء قوم شغلتهم شهواتهم، وألهتهم الأماني، واتكلوا على رحمة الله. وقال عمر: هؤلاء قوم كانوا يديمون الذنوب، ويتكلون على مغفرة الله عز وجل. انتهى.
تنبيهان: الأول: قال ابن عرفة حضور المحتضر: كتمريضه فرض كفاية يتأكد على أوليائه.
الثاني: أخرج النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي راضية مرضياً عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك حتى إنه ليناوله بعضهم بعضاً حتى يأتوا به أبواب السماء، فيقولون ما أطيب هذه الرِّيح التي جاءت من قبل الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحًا به من أحدكم بغائبه قدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا، فإذا قال: فلان قد مات ما أتاكم، قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية. وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح، فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله، فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتون به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الرِّيح حتى يأتون به أرواح الكفار (?)). رواه في التيسير.