فإن صمم قبلها فات فعلها إلا إن قدر على رفض التصميم حتى يرجع إلى حالة مطلق الهم، ولا تطلب بأول الخطور ولا تنفع بعد التصميم وقوله (ركعتين من غير الفريضة (?)) شامل للسنن والرغائب وغيرهما فلا يشترط أن تكونا لخصوص الاستخارة لكن لابد من نيتها عند الشروع في الصلاة كما دلت عليه فاء السببية: فلو طرأت بعد أن صلى فلا تجزئه تلك الصلاة عن ركعتي الاستخارة، ويحتمل أن المراد من غير الفريضة وما تعلق بها فلا تدخل الرواتب كركعتي الفجر مثلا وينبغي أن ينوي عند الشروع في الصلاة أنه يقرع بهما باب المولى الكريم ليختار له خير الأمرين مستحضرا ذلة العبودية وعظمة الربوبية راجيا فضله تعالى راضيا بما يقضيه له معتقدا فيه الخير وإن لم يظهر له في الحال فسيحمد عاقبته متبرئًا من حوله وقوته مفوضا إليه تعالى أمر، وتكفيه الفاتحة وحدها أو مع سورة ما لكن قال النووي يستحب أن يقرأ بعد الفاتحة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الأولى و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في الثانية، واستحب بعضهم أن يزيد في الأولى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} الآية، وفي الثانية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} ومن تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء ولا بأس أن يستخير الإنسان لغيره فيرجى له الانتفاع بدعاء المستخير فيختار الله له.
ويستحب ابتداء الدعاء وختمه بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله أستخيرك فيه حذف أي أستخيرك فيما هممت به، وقوله وأستقدرك معناه أسألك أن تقدر لي الخير أي تيسره لي، وقيل أن تجعله في قدرتي: والباء في بعلمك وبقدرتك إما للتعليل أو للاستعانة أو للاستعطاف، ومن في قوله من فضلك إما للتعليل والمفعول الثاني محذوف أي أسألك أن تختار لي من أجل فضلك المحض إذ لا يستحق أحد عليك شيئا وإما للتبعيض ومدخولها هو المفعول الثاني أي أسألك بعض فضلك {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وقوله فإنك الفاء سببية ومسبب مدخولها مضمن الأفعال قبلها ولعل التأكيد بإنَّ لا يختص برفع الشك والإنكار من المخاطب ولا من المتكلم بل قد يكون أيضا لرفعهما من غيرهما نحو قول الموحد إنك على كل شيء قدير، وقوله