فصل: في حكم صلاة الكسوف، وصلاة الخسوف، وصفتهما، وما يتصل بذلك، وهل الكسوف والخسوف مترادفان؟ وعليه الأكثر، أو الكسوف للشمس والخسوف للقمر؟ قال في القاموس: وهو المختار، وقيل: بالعكس، ورد بقوله تعالى: {وخسف القمر}، وقيل: الكسوف لذهاب بعض الضوء، والخسوف لجميعه، وقيل: الخسوف ذهاب الضوء كله والكسوف تغير اللون، ويقال: كسفا وخسفا مبنيين للفاعل والمفعول، وروى البخاري في تاريخه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشمس والقمر إذا رآى أحدهما من عظمة الله شيئا حاد عن مجراه فانكسف (?))، وفي الشبراخيتي أن سبب الكسوف للشمس: أنه إذا أراد الله عز وجل أن يخوف عباده حبس عنهم ضوء الشمس ليرجعوا إلى الطاعة؛ لأن هذه النعمة إذا حبست لم ينبت زرع ولم يجف تمر، وقيل: سببه ما ورد في الحديث (أن الله تعالى ما تجلى لشيء إلا خضع له)، وقد تجلى للجبل فجعله دكا، فإذا تجلى للشمس ذهب ضوءها، وقيل: سبب الكسوف أن الملائكة تجر الشمس وهي تسير بسير الملائكة لأنها جماد، وفي السماء بحر إذا وقعت فيه الشمس أو بعضها استتر نورها بالماء. انتهى.
وفي الحديث: (وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته (?)). وأشار المصنف إلى حكم صلاة كسوف الشمس بقوله "سنَّ" يعني أنه يسن لأجل كسوف الشمس صلاة ركعتين على الهيئة التي تذكر بعد، وهي سنة عين حتى لامرأة وعبد وصبي مميز، وكونه يؤمر بالخمس ندبا وبالكسوف استنانا، مما يستغرب، ويستغرب أيضا أمره بالعيد ندبا مع أنه أوكد من الكسوف، ويجاب عن الأول بأن الخمس لتكرارها خف طلبها منه، وعن الثاني بتكرر العيد أيضا بالنسبة للكسوف.