ظل الحصول على نسخة من كتاب اللوامع بخط المؤلف هدفا صعبَ المنال يتوق إليه العلماء وطلبة العلم الشناقطة وغيرهم، وقلما وفِّقوا في ذلك. فضخامة الكتاب تحول غالبا دون استنساخه. ثم إن انعدام وسائل حفظ المخطوطات في البادية الشنقيطية، ومباشرة الظعن المستمر الذي كانت ممارسته تعَدُّ الإطار المادي لحياة المؤلف، لم تكن تساعد على الاحتفاظ بموسوعة بحجم لوامع الدرر وبقائها سليمة، ولولا أن أبناء المؤلف وحفدته ظلوا سَدَنَةً لعلوم الشريعة وعلوم الآلة، يقومون على الكتب تأليفا وصيانة، لما قدِّر لهذا المؤلَّف الكبير أن يظل موجودا، ولَفُقِدَ كما فُقد مِن قبله كثير من أطايب مؤلفات العلماء في القطر الشنقيطي.
وكان طبيعيا أن يبذل كل فرد من بني المؤلف ما في وسعه ليستنسخ لنفسه الكتاب أو جزءا منه، ويظل متعلقا، فوق ذلك، باقتناء أي صفحة أو نبذة من اللوامع بخط المؤلف؛ فاقتناؤها مغنم عظيم، فيه يتنافس المتنافسون. بيد أن تلك العناية وذلك الحب الجم اللذين حظيت بهما نسخة المؤلف ربما كانا وراء صعوبة جمع النسخ التي خطها الشيخ لدى فرد واحد، فكل يحرص على أن يقتني من الكتاب ما تقر به عينه وينال منه بركة، ومن هنا لم يكن غريبا أن تتوزع النسخة التي بخط المؤلف بين ورثته وورثتهم، فيصبح الحصول عليها من مقتنيها وجمعها في حيز مكاني واحد أمرا يكاد يكون مستحيلا، لولا ما تعوده حفدة المؤلف وآله من تضحية في خدمة العلم، ومن رغبة صادقة في أن يرى الكتاب النور منشورا قبل أن تقضي عليه عاديات الزمن.
فكان أن حصلت دار الرضوان، بجهد خالص وكبير من صاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين ابُّوه، وبمساعدة ثمينة من حفدة الشيخ وذويه، على نسخ بخط المؤلف لستة أجزاء هي الأول والثاني والرابع والخامس والسادس والسابع. أما الجزء الثالث فقد وُجِدَتْ منه خمس نسخ خطية من بينها واحدة تضم صفحات بخط المؤلف، وقد يكون قرأها أو قرئت عليه.
وبعض أجزاء الكتاب التي بخط المؤلف تنقصها صفحة أو صفحات من أولها كما هي الحال في الجزء السابع، وقد حصل تآكل وأحيانا طمس في هوامش بعض صفحات الجزء الأول.