فنعمانهم عف وقطع لمالك ... وللشافعي در ورم لابن حنبل
النعمان هو الإمام أبو حنيفة توفي عام خمسين ومائة ورمزه عف، ومالك ما تقدم ورمزه قطع، والشافعي عام أربع وماتتين ورمزه در: وأحمد عام أربعين ومائتين ورمزه رم ولد الإمام أبو حنيفة عام ثمانين، والإمام مالك فيما ذكر والإمام الشافعي عام وفاة أبي حنيفة، والإمام أحمد عام أربع وستين ومائة ونظم الشيخ الهلالي ميلادهم فقال:
وميلادهم ليم ونجم وصيف ... وقصد على الترتيب فضلهم جلي
الليم بالكسر الصلح، والصيف بكسر الياء المشددة مطر الصيف ولا يخفى حسن الإشارة بهذه الرموز لدلالتها على صلاح الدين وإحيائه بالمطر وطلوع نجم الاهتداء وظهور قصد السبيل الذي هو الصراط السالم من التفريط والإفراط بميلادهم رضي الله عنهم، وكان الإمام مالك رضي الله عنه طويلا جسيما عظيم الهامة. أبيض الرأس واللحية يعني شيبة غير مخضوب وكان شديد البياض إلى الصفرة أعين حسن الصورة أصلع أشم عظيم اللحية تامها تبلغ صدره ذات سعة وطول، وكان من أحسن الناس وجها وأجلاهم عينا وأنقاهم بياضا وأتمهم طولا في جودة بدن، وكان يلبس ثياب الكتان الجيدة الرقيقة المعدنية والخراسانية والمصرية البيض ويتطيب بطيب جيد ويقول ما أحب لعبد أنعم الله عليه إلا أن يرى أثر نعمته عليه. قال بعضهم رأيت على مالك طيلسانا طرازيا وقلنسوة متركة وثيابا مروية جيادا وفي بيته وسائد وأصحابه عليها قعود فقلت له: أبا عبد الله شيء أحدثته أم رأيت الناس عليه. قال: رأيت الناس عليه، والناس هنا العلماء العاملون لأنهم المقتدى بهم، وكان لا يلبس الخز ولا يرى لبسه: وقال بشر بن الحارث رأيت على مالك طيلسانا يساوي خمسمائة أشبه شيء بالملوك، وفص خاتمه الذي مات وهو في يده حجر أسود نقشه سطران فيهما حسبي الله ونعم الوكيل فسئل عن ذلك فقال سمعت الله يقول {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا} الآية وكان في أول أمره قليل الشيء صابرا متجملا حتى انثالت عليه الدنيا بعد ولم يكن له منزل إنما سكن بالكراء إلى أن مات، وكان سكناه في دار عبد الله بن