المالكي هذه النسبة تزيد شرفا؛ وهي نسبة إلى الإمام مالك نسبة اقتداء وهو بالرفع نعت لخليل ولما كان الفقه الذي تضمن هذا المختصر جله منقول وبعضه منقول من منقول، وقد قالوا ما كان من العلوم معقولا صرفا كالمنطق والحساب فبرهانه في نفسه ولا يحتاج إلى صرفة قائله إلا من حيث كونه كمالا فيه وما كان منقولا صرفا كعلم الحديث رواية فهو موكول لأمانة ناقله فلزم البحث عليه لتعرف أمانته من ضدها ولا بد من صرفته وإلا كان الباني على نقله كالباني على غير أساس، وما كان مركبا منهما غلبت فيه شائبة النقل لأن البعض كالكل في التوقف؛ ولهذا نصوا على أن الكتب التي جهل مؤلفوها والطرر التي جهل كاتبها لا يجوز العمل ولا الفتوى بما فيها حتى تعلم صحتها من عدمها كانت معرفة المؤلف من الأمور المهمة شرعا وكذا طبعا لأن ما جهل قائله يصير كولد لم يعرف أبوه قال القائل:
ومن كتب الكتاب لم يذكر اسمه ... كبنت لها أم وليس لها أب
فلهذا أردف المؤلف البسملة بالتعريف بنفسه. رحمه الله تعالى أتى بجملة الدعاء ماضوية تفاؤلا بالإجابة وإن كان أصل الدعاء بلفظ الأمر كاغفر لنا، وخص الرحمة لأنها تجمع كل خير وذلك لأن الرحمة هي الملائم أيا كان، وأشار إلى أول المحكي بقوله الحمد الفعل منه كسمع، وهو لغة الوصف بالجميل على الجميل الاختياري أو القديم، والوصف ذكر الصفة منسوبة إلى المتصف بها فلا يكون إلا بالكلام، وبالجميل مخرج للوصف بالقبيح فهو ذم وللوصف بما ليس جميلا ولا قبيحا كزيد تميمي إذا قصد مجرد الإعلام بنسبه وعلى الجميل مخرج للوصف بالجميل على غير الجميل كأن يقال للبخيل هو جواد وللجبان ما أشجعه. ومنه {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} وبحث فيه بأن المراد بالجميل معناه لا اللفظ الموضوع له، وإن استعمل في القبيح فقولك في مقام التهكم ما أشجعه معناه ما أجبنه فهو وصف له بالجبن فهو قبيح قاله الهلالي، قال والظاهر أن يقال هو مخرج للوصف بالجميل لقصد مجرد الإعلام لمن يجهل ذلك كقولك فلان قرشي قاصدا مجرد إعلام من يجهل نسبه، ومجموع الاختياري أو القديم مخرج للمدح من حيث هو مدح إذ لا يشترط فيه أن يكون على الاختياري أو القديم فيكون على الحادث المطبوع؛ كمدح اللؤلؤة على