يقول عبر بالمضارع لأن المحكي به وهو جميع المختصر لا يتم إلا في أزمنة طويلة، العبد هو خلاف الحر فهو بمعنى الملوك؛ وهو صفة غلبت عليها الاسمية، وليس لها فعل، ومصدرها العبودة والعبودية وأصلهما التذلل والخضوع، فيصح إطلاقه على الإنسان الذكر حرا كان أو رقيقا، وعلى المَلَكِ، قال سبحانه وتعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} ويطلق أيضا على الجن لقول الفاكهاني: لا يطلق إلا على من يصح منه التكليف والجن مكلفون، والأنثى أمة، وعلى هذا تقود المرأة في سيد الاستغفار: خلقتني وأنا أمتك، قال الشيخ الهلالي: قال وقد عرضته على الشيخ الحبيب قدس سره فوافق عليه، وقال الشبراخيتي: وقول الفاكهاني لا يطلق إلا على من يصح منه التكليف يريد في بعض استعمالاته، وفي بعضها يطلق على الرقيق وعلى كل حادث وليس ذلك إلا لله عز وجل، لقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}، وعلى العبد بالعبادة: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ}، وعلى عبد الدنيا وهو المعتكف على خدمتها، وإياه قصد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله: (تعس عبد الدينار والدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش (?))، وتعس بفتح العين وكسرها هلك وسقط، والخميصة ثوب معلم من خز أو صوف، وانتكس، أي انقلب على رأسه خيبة وخسارات وشيك بكسر الشين المعجمة أي دخلت في جسمه شوكة، والانتقاش نزعها بالمنقاش. انتهى كلام الشيخ إبراهيم. فالعبد على أربعة أضرب، كما قاله غير واحد، قال الشيخ الهلالي كون العبد على أربعة أضرب غير ظاهر لأنها كلها ترجع لمعنى المملوك وحقيقة العبودية الرضى بالقضاء، والصبر على البلاء، والشكر على النعماء، ومراد المؤلف بالعبد عبد الله تعالى أي مملوكه الذي لا يملك معه شيئا في نفسه ولا في غيرها، فما أجدره بالإعانة في أموره عموما، وفيما هو بصدده من تأليف المختصر خصوصا، وإذا أضيف العبد إلى رفيع اكتسب رفعة نحو: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} وأنشدوا في هذا المعنى:

يا عمرو ثأري عند زهراء ... يعرفه السامع والراءي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015