رَأَى الْمُؤْمِنُونَ رَبَّهُمْ - عَزَّ وَجَلَّ - فَأَحْدَثُهُمْ عَهْدًا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، قَالَ: وَيَرَاهُ الْمُؤْمِنَاتُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى " أَيْ: فِي مِثْلِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» ، وَعُمُومُ الْأَحَادِيثِ شَامِلَةٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ.
وَأَخْرَجَ الْآجُرِّيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] ، قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُ لَنْ يَرَانِي أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ، وَلَا يَابِسٌ إِلَّا تَدَهْدَهَ، وَلَا رَطْبٌ إِلَّا تَفَرَّقَ، وَإِنَّمَا يَرَانِي أَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ لَا تَمُوتُ أَعْيُنُهُمْ، وَلَا تَبْلَى أَجْسَادُهُمْ» ". وَبِظَاهِرِ حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَخَذَ ابْنُ كَثِيرٍ فَاخْتَارَ أَنَّ النِّسَاءَ يَرَيْنَ رَبَّهُمْ فِي الْأَعْيَادِ دُونَ الْجُمَعِ، وَبِهِ جَزَمَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ، لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَاسْتَثْنَى الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ زَوْجَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَبَنَاتِهِ فَيَرَيْنَهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ الْأَعْيَادِ، كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرُ يَرَيَانِهِ تَعَالَى أَزْيَدَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قُلْتُ: وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَكَذَا نَحْوُهُمَا كَأُمِّ مُوسَى وَأُخْتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي آخِرِ الْبُدُورِ السَّافِرَةِ لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيِّ: وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةٌ بِمُؤْمِنِي الْبَشَرِ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَهُ، وَاحْتُجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] فَإِنَّهُ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ بِالْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ فِي الْمُؤْمِنِينَ فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَقَدْ نَصَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّؤْيَةِ: ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ رَبَّهُمْ - فَأَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ لِعِبَادَتِهِ أَصْنَافًا، وَإِنَّ مِنْهُمْ لَمَلَائِكَةً قِيَامًا صَافِّينَ مِنْ يَوْمَ خَلَقَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَلَائِكَةً رُكُوعًا خُشُوعًا مِنْ يَوْمَ خَلَقَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى