لَعَمْرُكَ مَا يَهْوَى لِأَحْمَدَ نَكْبَةً ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا نَاقِصُ الْعَقْلِ مُعْوَرُ
هُوَ الْمِحْنَةُ الْيَوْمَ الَّذِي يُبْتَلَى بِهِ ... فَيُعْتَبَرُ السُّنِّيُّ فِينَا وَيُسْبَرُ
فَقَا أَعْيُنَ الْمُرَّاقِ فِعْلُ ابْنِ حَنْبَلٍ ... وَأَخْرَسَ مَنْ يَبْغِي الْعُيُوبَ وَيَحْفِرُ
وَقَالَ أَبُو مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيُّ:
لَقَدْ صَارَ فِي الْآفَاقِ أَحْمَدُ مِحْنَةً ... وَأَمْرَ الْوَرَى فِيهَا فَلَيْسَ بِمُشْكِلِ
وَقَالَ ابْنُ أَعْيَنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَضْحَى ابْنُ حَنْبَلٍ حُجَّةً مَبْرُورَةً ... وَبِحُبِّ أَحْمَدَ يُعْرَفُ الْمُتَنَسِّكُ
وَإِذَا رَأَيْتَ لِأَحْمَدَ مُتَنَقِّصًا ... فَاعْلَمْ بِأَنَّ سُتُورَهُ سَتُهَتَّكُ
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُوَ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِلَا مِحَالٍ، فَهُوَ الْمُبَيِّضُ وَجْهَ السُّنَّةِ، النَّافِضُ عَنْ وَجْهِهَا غُبَارَ الْبِدْعَةِ، فَكُلُّ سُنِّيٍّ أَثَرِيٍّ فَهُوَ إِمَامُهُ. فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا كَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ جَمِيعًا تَبَعًا لِلتَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ الْكِرَامِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ هَذَا الْمَذْهَبُ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ دُونَ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ؟ قُلْتُ: الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُ، وَالْحَقُّ كَمَا اسْتَخْبَرْتُ، وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ هِيَ الشَّرِيعَةُ الْغَرَّاءُ، وَمَقَالَةُ أَهْلِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ بِلَا مَحَالَةٍ، وَلَا يَرْتَابُ ذُو لُبٍّ لَبِيبٍ، وَرَأْيٍ صَحِيحٍ مُصِيبٍ، أَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ الْحَبِيبُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ أَهْلُ الْإِصَابَةِ وَالتَّصْوِيبِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْصِيلِ وَالتَّبْوِيبِ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ اشْرَأَبَّتِ الْفِتَنُ، وَاسْتَعْلَنَتِ الْبِدَعُ وَالْمِحَنُ، وَقَامَتْ دَوْلَةُ أَهْلِ الِابْتِدَاعِ عَلَى