وطريق الرشد نهج مهيع ... مثل ما أبصرت في الأفق القمر
وهو الإجماع والنص الذي ... ليس إلا في كتاب أو أثر
والرجال جمع رجل والمراد آراء مطلق الناس من ذكر بالغ أو غير بالغ، أو آراء النساء، ولكن لما كان الغالب أن يكون أصحاب الرأي رجالًا خصهم بالذكر (و) دع عنك (قولهم) لا تهتم به ولا تجعله لك مذهبا لأنه عرضة للخطأ وغير مضمون لأصحابه الصواب، ولكن إن كنت تبغي النجاة والفوز بالدرجات العالية والنعيم المقيم (فـ) أتبع (قول رسول اللَّه) -صلى اللَّه عليه وسلم- المعصوم من الزلل والخطأ والمضمون الإصابة في كل ما بلغه لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فهو (أزكى): أفعل تفضيل مأخوذ من زكى يزكو زكاء وزكرا نمى كأزكى أي أطهر وأصفى وأخلص من جميع أقوال الناس وآراءهم لأنه خرج من مشكاة نور الهداية وينبوع عين الفلاح.
(وأشرح) أي أبين وأوضح وأوسع وأفسح من مقالات المتحذلقين وآراء المتعمقين وتأويلات المتنطعين فإنهم حرفوا النصوص عن مواضعها وأخرجوها عن معانيها وحقائقها بالرأى المجرد الذي حقيقته زبالة الأذهان ونحاتة الأفكار وعصارة الأوهام ووساوس الصدور وحوادس الخواطر فملأوا به الأوراق سوادًا والقلوب شكوكًا والعلم فسادًا، فكل من له مسكة من علم ودرية من فهم يعلم أن فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الآراء على الوحي والهوى عن النقل، وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه ولا في أمة إلا وفسد أمرها أتم فساد (?).