قال: "وإنما كثر ذلك في المتأخرين وسموا هذه حقيقة وجعلوا الحقيقة تعارض الشريعة ولم يميزوا بين الحقيقة الشرعية التي تتضمن تحقيق أحوال القلوب كالإخلاص والصبر وبين الحقيقة الكونية القدرية التي نؤمن بها ولا نحتج بها على المعاصي ويزعم بعض هؤلاء أن الخضر عليه السلام إنما سقط عنه التكليف لأنه شهد الإرادة" (?).
(ومن مثل هذه الخرافات) (?) وهذه المقالة من أشنع المقالات وأفظع البدع المحدثات والمحتج على معاص اللَّه تعالى بالقدر زنديق وخارج عن ربقة التوفيق وعادم التحقيق فإن الباري جل شأنه أرسل الرسل عليهم السلام بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطل المفاسد وتقليلها وفي الاحتجاج بالمعاصي على القدر عكس ما جاءت به الرسل من تعظيم النهي والأمر. واللَّه تعالى أعلم (?).
فإن قلت قد ذكرت طائفتي (?) القدرية النافية والمثبتة (?) بالذم فما الممدوح بعدهما؟
قلنا: الممدوح أهل السنة والجماعة الذين هم الوسط ما بين الإفراط والتفريط فلم يفرطوا تفريط القدرية النفاة ولم يفرطوا إفراط الجبرية المحتجين بالقدر على معاصي اللَّه، فمذهب أهل السنة كافة من السلف الأثرية والخلف الأشعرية