رضي اللَّه عنهم إلى التابعين ما تلقوه من مشكاة النبوة خالصًا صافيًا، وكان سندهم عن نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جبريل عن رب العالمين سندًا صحيحًا عاليًا، وقالوا هذا عهد نبينا إلينا وقد عهدناه إليكم، وهذه وصية ربنا وفرضه علينا وهي وصيته وفرضه عليكم، فجرى التابعون لهم وإحسان على منهاجهم واقتفوا آثار صراطهم المستقيم" (?). ثم بعد التابعين أتباع التابعين.
ثم جاءت الأئمة من القرن الرابع المفضل في إحدى الروايتين كما ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وعمران بن حصين رضوان اللَّه عليهم أجمعين من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير الناس قرني. . . " (?) الحديث.
والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، والأصح أنه لا يضبط بمدة، فقرنه -صلى اللَّه عليه وسلم- هم أصحابه وكانت مدتهم من المبعث إلى آخر من مات من أصحابه وهو أبو الطفيل مائة وعشرين سنة، وقرن التابعين من نحو مائة إلى سبعين سنة، وقرن أتباع التابعين من ثم إلى حدود العشرين ومائتين.
وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورًا فاشيًا وأطلقت المعتزلة ألسنتها وأظهرت الجهمية نحلتها ورفعت الفلاسقة رؤوسها، وحررت الباطنية والقرامطة دروسها، وامتحن أئمة الدين وعلماء المسلمين ليقولوا بخلق القرآن وكان المقصود الأعظم منهم إمامنا الإمام أحمد بن حنبل عليه الرحمة والرضوان فقام بأمر السنة أتم قيام، وعاضده على ذلك أئمة نبلاء أعلام وحفاظ لدين الإسلام فخام، شكر اللَّه سعيهم